عن النفس» (١).
٣. والملفت للنظر أنّ جمعاً من محدّثي أهل السنّة وبسبب اعتقادهم بأنّ القرآن الكريم قديم استخدموا التقية عند ما وقعوا تحت ضغط حكم بني العباس ، واعترفوا بأنّه حادث ، للنجاة بأنفسهم.
وأشار ابن سعد المؤرخ المعروف في كتابه «الطبقات» ، والطبري المعروف أيضاً في كتابه المشهور تاريخ الطبري إلى رسالتين من المأمون أرسلتا إلى رئيس الشرطة في بغداد «إسحاق بن إبراهيم» حيث ذكر ابن سعد عن الرسالة الأولى : «كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم في إشخاص سبعة نفر ، منهم محمّد بن سعد الواقدي وأبو مسلم يزيد بن هارون ، ويحيى بن معين ، وزهير بن حرب أبو خيثمة ، وإسماعيل بن داود ، وإسماعيل بن أبي مسعود ، وأحمد بن الدورقي ، فأشخصوا إليه فامتحنهم ، وسألهم عن خلق القرآن ، فأجابوا جميعاً إنّ القرآن مخلوق» (٢). (مع أنّ الرأي المشهور بين المحدّثين هو أنّ القرآن قديم ، وهذا ما كان يعتقد به هؤلاء السبعة).
نعم ، إنّ هؤلاء قد اتقوا من المأمون خوفاً من عقابه الشديد ، واعترفوا بأنّ القرآن مخلوقٌ ، فأخلى سبيلهم.
وتليها الرسالة الثانية ، حيث ينقل الطبري رسالة أخرى من المأمون والمخاطب فيها أيضاً رئيس شرطة بغداد حيث يقول : «عند ما وصل كتاب المأمون أحضر إسحاق بن إبراهيم لذلك جماعة من الفقهاء والمحدّثين يصل عددهم تقريباً إلى ٢٦ شخصاً ، وقرأ عليهم كتاب المأمون مرّتين حتى فهموه ،
__________________
(١). تفسير النيسابوري في حاشية تفسير الطبري ، ج ٣ ، ص ١١٨.
(٢). تاريخ الطبري ، ج ٧ ، ص ١٩٧ ؛ وطبقات ابن سعد ، ج ٧ ، ص ١٦٧ ، طبعة بيروت.