(بِكَلِماتِهِ) : أي بالآيات القرآنية وقد محا الباطل وأحق الحق بالقرآن.
(وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) : أي هو تعالى الذي يقبل توبة التائبين من عباده.
(وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) : أي لا يؤاخذ بها من تاب منها فهذا هو الإله الحق لا الأصنام التى ليس لها شيء مما هو لله ألبتة.
(وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : أي ويجيب تعالى عباده الذين آمنوا به وعملوا الصالحات إلى ما دعوه فيه فيعطيهم سؤلهم.
(وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) : أي يعطيهم ما سألوا ويعطهم ما لم يسألوه من الخير.
(وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) : أي والكافرون بالله ورسوله ولقاء الله وآياته لهم عذاب شديد.
معنى الآيات :
يقول تعالى لرسوله (تَرَى الظَّالِمِينَ) (١) يوم القيامة (مُشْفِقِينَ) أى خائفين (مِمَّا كَسَبُوا) أي من جزاء ما كسبوا من الشرك والمعاصى ، وهو أى العذاب واقع بهم نازل عليهم لا محالة وقوله (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) أي فى الوقت الذي يكون فيه الظالمون مشفقين مما كسبوا يكون الذين آمنوا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وعملوا الصالحات من الفرائض والنوافل بعد اجتناب الشرك والكبائر فى روضات الجنات وهى أنزهها وأحسنها لهم ما يشاءون من النعيم مما تشتهيه الأنفس وتلذه الأعين كل ذلك فى جوار رب كريم وقوله تعالى (ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) (٢) أي ذاك الذى أخبر تعالى به أنهم فيه من روضات الجنات وغيره هو الفضل الكبير الذى تفضل الله تعالى عليهم به.
وقوله فى الآية الثانية (٢٣) (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أي ذلك المذكور من روضات الجنات وغيره هو الذي يبشر الله تعالى به عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات في كتابه وعلى لسان رسوله.
وقوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ (٣) عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) يأمر تعالى رسوله أن يقول لقومه من المشركين لا أسألكم على إبلاغى إياكم دعوة ربى الى الإيمان به وتوحيده لتكملوا وتسعدوا أجرا أى مالا لكن أسألكم أن تودوا قرابتى منكم فلا تؤذوني وتمنعوني من الناس حتى
__________________
(١) هذا عرض لما يجري من أحوال في عرصات القيامة وما ينتهي إليه الموقف من إسعاد أهل الإيمان والعمل الصالح وإشقاء أهل الشرك والمعاصي.
(٢) لا يوصف ولا تهتدي العقول إلى معرفة كنه صفته لأن الله تعالى إذا قال كبير كان مما لا يقادر قدره.
(٣) هذا الخطاب خاص بقريش قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة والاستثناء منقطع فهو بمعنى لكن ومعنى الآية قل لا أسألكم عليه أي على البلاغ أجرا أي ثوابا وجزاء إلا أن تودّوني من قرابتي منكم أي تراعوا ما بيني وبينكم فتصدقوني وتنصروني حتى أبلغ رسالتي وذلك أنه ما من بطن من بطون قريش إلا وفيه للرسول صلىاللهعليهوسلم قرابة رحم وأما توجيه الآية على آل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فهو تمحل واضح إلا أن حب آل البيت وتعظيمهم واجب أكيد ووردت فيه أحاديث كثيرة صالحة للاحتجاج بها.