تعالى : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ) أي موسى دخل مدينة منف (١) التي هي مدينة فرعون وكان غائبا فترة. (عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها) لأن الوقت كان وقت القيلولة. (فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ) على دين موسى وبني إسرائيل وهو الإسلام (وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ) لأنه على دين فرعون والأقباط وهو الكفر. (فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ) أي طلب غوثه على الذي من عدوه (فَوَكَزَهُ مُوسى) أي ضربه بجمع كفه (فَقَضى عَلَيْهِ) أي فقتله ودفنه في الرمال. وقوله تعالى : (قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ) أي هذا قول موسى عليهالسلام اعترف بأن ضربه القبطى كان من تهيج الشيطان لغضبه فقال : (هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ) للانسان (مُضِلٌ) له عن طريق الخير والهدى (مُبِينٌ) أي ظاهر العداوة للإنسان والإضلال.
وقوله تعالى : (قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) أي دعا موسى ربه معترفا بخطئه أولا فقال : (رَبِ) أي يا رب (إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) أي بقتلي القبطي (فَاغْفِرْ لِي) هذا الخطأ ، فاستجاب الله تعالى وغفر له ، إنه تعالى هو الغفور لذنوب عباده التائبين له الرحيم بهم فلا يعذبهم بذنب تابوا منه.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ بيان حسن تدبير الله تعالى فى منع موسى من سائر المرضعات حتى يرده إلى أمه.
٢ ـ بيان حسن رد الفتاة على التهمة التي وجهت إليها وذلك من ولاية الله لها وتوفيقه.
٣ ـ تقرير أن وعد الله حق ، وأنه تعالى لا يخلف الوعد ولا الميعاد.
٤ ـ بيان إنعام الله على موسى بالحكمة والعلم قبل النبوة والرسالة.
٥ ـ مشروعية إغاثة الملهوف ونصرة (٢) المظلوم.
٦ ـ وجوب التوبة بعد الوقوع في الزلل ، وأول التوبة الاعتراف بالذنب.
__________________
(١) وقيل : منفيس : قاعدة مصر الشمالية ، وقوله : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ) هذا عطف جزء القصة على جزئها السابق وهو من قوله : (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى) وأين كان موسى؟ قطعا كان غائبا عن المدينة لأمر من الأمور اقتضى غيابه.
(٢) لأن نصر المظلوم دين في الملل كلّها ، وفرض في جميع الشرائع.