(وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) : أي لا تكون الحسنة كالسيئة ولا السيئة كالحسنة.
(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) : أي ادفع أيها المؤمن السيئة بالخصلة التي هي أحسن كالغضب بالرضى ، والقطيعة بالصلة.
(كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) : أي كأنه صديق قريب في محبته لك إذا فعلت ذلك.
(وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) : أي وما يعطي هذه الخصلة التي هي أحسن.
(إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) : أي ثواب عظيم وأجر جزيل هذا في الآخرة وأما في الدنيا فالخلق الحسن والكمال.
(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ) : أي وإن يوسوس لك الشيطان بترك خير أو فعل شر.
(فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) : أي فاستجر بالله قائلا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
(إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) : أي هو تعالى السميع لأقوال عباده العليم بما يصيبهم وينزل بهم.
معنى الآيات :
لما ذكر تعالى بشرى أهل الإيمان وصالح الأعمال ذكر هنا بشرى ثانية لهم أيضا فقال : (وَمَنْ) (١) (أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) هذه ثلاثة شروط الأول دعوته إلى الله تعالى بأن يعبد فيطاع ولا يعص ويذكر فلا ينسى ، ويشكر فلا يكفر والثاني وعمل صالحا فأدى الفرائض واجتنب المحارم ، والثالث وفاخر بالإسلام معتزا به وقال إنني من المسلمين ، فلا أحد أحسن قولا من هذا الذي ذكرت شروط كما له ، ويدخل في هذا أولا الرسل ، وثانيا العلماء ، وثالثا المجاهدون ورابعا المؤذنون وخامسا الدعاة الهداة المهديون هذا ما دلت عليه الآية الأولى (٣٣). وقوله تعالى : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) هذا تقرير إلهي يجب أن يعلم وهو أن الحسنة لا تستوي (٢) مع السيئة وأن السيئة لا تستوي مع الحسنة فالإيمان لا يساوى بالكفر ، والتقوى لا تساوي بالفجور ، والعدل لا يساوى بالظلم.
كما أن أن جنس الحسنات لا يتساوى ، وجنس السيئآت لا يتساوى بل يتفاضل فصيام رمضان لا يساوي بصيام رجب أو محرم تطوعا ، وسيئة قتل المؤمن لا تستوي مع شتمه أو ضربه وقوله
__________________
(١) يدخل في هذه الآية دخولا أوليا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذ هو أحق وأجدر وهي نازلة فيه ردا على الذين يلغون في القرآن عند سماعه وهي تتناول كل مؤمن متصف بهذه الصفات المعبر عنها في التفسير بالشروط.
(٢) لا في قوله ولا السيئة صلة زيدت للتأكيد إذ الأصل ولا تستوى الحسنة والسيئة وشاهدها قول الشاعر :
ما كان يرضى رسول الله فعلهم |
|
والطيبان أبو بكر ولا عمر |