شرح الكلمات :
(قالُوا رَبُّنَا اللهُ) : قالوا ذلك معلنين عن إيمانهم بأن الله هو ربهم الذي لا رب لهم غيره وإلههم الذي لا إله لهم سواه.
(ثُمَّ اسْتَقامُوا) : أي ثبتوا على ذلك فلم يبدلوا ولم يغيروا ولم يتركوا عبادة الله بفعل الأوامر وترك النواهي.
(تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) : أي عند الموت وعند الخروج من القبر بحيث تتلقاهم هناك.
(أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا) : أي بأن لا تخافوا مما أنتم مقبلون عليه فإنه رضوان الله ورحمته ولا تحزنوا عما خلفتم وراءكم.
(نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) : أي فبحكم ولايتنا لكم في الدنيا والآخرة فلا تخافوا ولا تحزنوا.
(وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ) : أي ولكم فيها ما تطلبون من سائر المشتهيات لكم.
(نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) : أي رزقا مهيأ لكم من فضل رب غفور رحيم.
معنى الآيات :
لما بين تعالى حال الكافرين في الدار الآخرة وهي أسوأ حال بين حال المؤمنين في الآخرة وهي أحسن حال وأطيب مآل فقال إن الذين قالوا (١) ربنا الله أي لا ربّ لنا غيره ولا إله لنا سواه ، ثم استقاموا (٢) فلم يشركوا به في عبادته أحدا فأدوا الفرائض واجتنبوا النواهي وماتوا على ذلك هؤلاء تتنزل عليهم الملائكة أي تهبط عليهم وذلك عند الموت بأن تقول لهم لا تخافوا على ما أنتم مقدمون عليه من البرزخ والدار الآخرة ولا تحزنوا على ما خلفتم وراءكم وأبشروا (٣) بالجنة دار السّلام التي كنتم توعدونها في الكتاب وعلى لسان الرسول. (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) إذا
__________________
(١) في صحيح مسلم عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك وفي رواية غيرك. قال : قل آمنت بالله ثم استقم وزاد الترمذي قلت يا رسول الله ما أخوف ما تخاف عليّ؟ قال فأخذ بلسان نفسه وقال هذا.
(٢) ذكر القرطبي في تفسير الاستقامة أكثر من عشرة أقوال للصحابة والسلف ، ثم قال وهذه الأقوال وإن تداخلت فتلخيصها «اعتدلوا على طاعة الله عقدا وقولا وفعلا وداوموا على ذلك».
(٣) قال وكيع وابن أبي زيد البشري في ثلاثة مواطن عند الموت وفي القبر وعند البعث وشاهد هذا قوله صلىاللهعليهوسلم من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه قلنا يا رسول الله كلنا نكره الموت : قال صلىاللهعليهوسلم ليس ذلك كراهة الموت ولكن المؤمن إذا حضر جاءه البشير من الله تعالى بما هو صائر إليه فليس شيء أحب إليه من أن يكون لقي الله تعالى فأحب الله لقاءه قال وإن الفاجر والكافر إذا حضر جاءه بما هو صائر إليه من الشر أو ما يلقى من الشر فكره لقاء الله فكره الله لقاءه قال ابن كثير وهذا حديث صحيح وقد ورد في الصحيح من غير هذا الوجه.