شرح الكلمات :
(فَهُمْ يُوزَعُونَ) : أي يحبس أولهم ليلحق آخرهم ليساقوا إلى النار مجتمعين.
(حَتَّى إِذا ما جاؤُها) : أي حتى إذا جاءوها أي النار.
(بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) : أي من الذنوب والمعاصي.
(وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) : أي بدأ خلقكم في الدنيا فخلقكم ثم أماتكم ثم أحياكم.
(وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ) : أي عند ارتكابكم الفواحش والذنوب أي تستخفون من أن يشهد عليكم سمعكم وأبصاركم فتتركوا الفواحش والذنوب.
(وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ) : أي ولكن عند ارتكابكم الفواحش ظننتم أن الله لا يعلم ذلك منكم.
(أَرْداكُمْ) : أي أهلككم.
(فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) : أي فإن صبروا على العذاب فالنار مثوى أي مأوى لهم.
(وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا) : أي يطلبوا العتبى وهي الرضا فلا يعتبون أي لا يرضى عنهم هذه حالهم أبدا.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في دعوة قريش إلى أصول الدين التوحيد والنبوة والبعث والجزاء وفي هذا السياق عرض لمشهد من مشاهد القيامة وهو مشهد حي رائع يعرض أمامهم.
إذ يقول تعالى : (وَيَوْمَ) (١) (يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إِلَى النَّارِ) أي اذكر لهم يوم يحشر أعداء الله أي الذين كفروا به فلم يؤمنوا ولم يتقوا ؛ (إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) يحبس أولهم ليلحق آخرهم فيساقون مع بعضهم بعضا. (حَتَّى (٢) إِذا ما جاؤُها) أي انتهوا إليها ، وادعوا أنهم مظلومون وأخذوا يتنصّلون من ذنوبهم ، وقالوا إنهم لا يقبلون شاهدا من غير أنفسهم فيأمر الله تعالى أسماعهم وأبصارهم وجلودهم فتشهد عليهم بما كانوا يعملون ، وهو قوله تعالى : (شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) وهنا رجعوا إلى جلودهم يلومون عليهم ويعتبون وهو ما أخبر تعالى به في قوله : (وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ (٣) عَلَيْنا) فأجابتهم جلودهم بما أخبر تعالى عنهم في هذا السياق (قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ
__________________
(١) يحشرون إلى النار أي يجمعون ويساقون إليها.
(٢) حرف ابتداء في اللفظ أي أن ما بعدها جملة مستأنفة إلا أنها تفيد معنى الغاية «وما» في ما جاؤها مزيدة للتوكيد.
(٣) شهادة جلودهم وجوارحهم عليهم هي شهادة تكذيب وافتضاح وإلا إدانتهم متحققة بصحائف أعما لهم وإجراء ضمائر السمع والبصر والجلود بصيغة جمع العقلاء لأن التحاور معهم أنزلهم منزلة العقلاء.