للهدى من الضلال والخير من الشر والحق من الباطل ، وقوله (نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ (١) نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِ) أي نقرأ قاصين عليك أيها الرسول شيئا من نبأ موسى وفرعون أي من خبر موسى (٢) وفرعون وقوله (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٣) باعتبارهم أنهم هم الذين ينتفعون بما يسمعون في حياتهم ولأنهم في ظرف صعب يحتاجون معه إلى سماع مثل هذا القصص ليثبتوا على إيمانهم حتى ينصرهم الله كما نصر الذين من قبلهم بعد ضعف كان أشد من ضعفهم وقوله تعالى : (إِنَّ فِرْعَوْنَ ..) إلى آخر الآية هذا بيان لما أخبر أنه يقصه للمؤمنين ، يخبر تعالى فيقول :
(إِنَّ فِرْعَوْنَ ...) إلى آخر الآية إن فرعون الحاكم المصري المسمى بالوليد بن الريان الطاغية المدعى الربوبية والألوهية (عَلا فِي الْأَرْضِ) أي أرض البلاد المصرية ومعنى علا طغى وتكبر وتسلط (٤) وقوله (وَجَعَلَ أَهْلَها) أي أهل تلك البلاد المصرية (شِيَعاً) أي طوائف فرق بينها إبقاء على ملكه على قاعدة فرّق تسد المذهب السياسي القائم الآن في بلاد الكفر والظلم وقوله (يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً) من تلك الطوائف وهي طائفة بني إسرائيل وكيفية استضعافهم أنه يذبح أبناءهم ساعة ولادتهم (وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ) أي بناتهم ليكبرن للخدمة وتذبيح الأولاد سببه ان كهانه وسياسييه أعلموه أن ملكه مهدد بوجود بني إسرائيل أقوياء كثر في البلاد فاستعمل طريقة تقليلهم والحد من كثرتهم بذبح الأولاد الذكور منهم وإبقاء الإناث منهم وهي سياسة تشبه تحديد النسل اليوم التي يستعملها الهالكون اليوم وهم لا يشعرون.
وقوله (إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) هذا تعليل لعلو فرعون وطغيانه فذكر أن سبب ذلك الذي يرتكبه من السياسة العمياء الظالمة أنه (مِنَ الْمُفْسِدِينَ) أي في الأرض بارتكاب الجرائم العظام التي لا توصف.
وقوله تعالى (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً) أي (نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ) أي من بعض خبرهما أنا نريد أي أردنا أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض أرض مصر وهم بنو إسرائيل ، نمن عليهم بإيمانهم وتخليصهم من حكم فرعون وتسلطه ونجعلهم قادة في الخير (وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) لحكم البلاد وسياستها بعد إهلاك فرعون وجنوده وهو معنى قوله :
__________________
(١) مفعول (نَتْلُوا) محذوف تقديره نتلوا عليك كلاما من نبأ موسى.
(٢) وقارون أيضا حيث ذكر خبره في آخر هذه السورة.
(٣) اللام في (لِقَوْمٍ) للتعليل أي : نتلو عليك لأجل قوم يؤمنون.
(٤) وحسبه أن ادعي الألوهية والربوبية وأنه ابن الشمس.