الدائمة في جهنم. وقوله تعالى : (وَالَّذِي جاءَ (١) بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) هذا إخبار بفريق الفائزين من عباد الله وهم الصادقون في كل ما يخبرون به ، والمصدقون بما أوجب الله تعالى التصديق به ويدخل في هذا الفريق دخولا أوليا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر الصديق ثم سائر الصحابة والمؤمنين إلى يوم الدين.
وقوله تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (٢) يشير إليهم بأنهم اتقوا كل ما يغضب الله من الشرك والمعاصي ، وبذلك استوجبوا النجاة من النار ودخول الجنة المعبر عنه بقوله تعالى : (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) من نعيم بعضه لم يخطر على بال أحد ، ولم تره عين أحد ولا تسمع به أذنه.
وقوله : (ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) (٣) أي ذلك المذكور في قوله لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو جزاؤهم وجزاء المحسنين كلهم والمحسنون هم الذين أحسنوا الاعتقاد والقول والعمل وقوله تعالى : (لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ (٤) أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا) أي من الذنوب والآثام والخطايا والسيئآت أي وفقهم للإحسان ويسره لهم ، ليكفر عنهم أسوأ الذي عملوا وسيئه ويجزيهم أجرهم على إيمانهم وتقواهم وإحسانهم في ذلك بأحسن ما كانوا يعملون وحسنه أيضا وإنما يضاعف لهم الأجر فتكون الحسنات الصغيرة كالكبيرة فأصبح الجزاء كله على الأحسن والذي كانوا يعملون هو كل ما شرعه الله تعالى لعباده وتعبدهم به من الإيمان وسائر الطاعات والقربات.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ التنديد بالكذب على الله تعالى والتكذيب به ، وبما جاء به رسوله صلىاللهعليهوسلم من الدين.
٢ ـ بيان جزاء الكاذبين على الله ورسوله والمكذبين بما جاء به رسول الله عن الله من الشرع والدين.
__________________
(١) (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) مبتدأ والخبر (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ). وعليه فالذي جاء بالصدق رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومن صدق به هم أبو بكر وسائر المؤمنين وفي الآية حذف الموصول وهو «من» لدلالة السياق عليه.
(٢) (أُولئِكَ) مبتدأ و (هُمُ) ضمير فصل و (الْمُتَّقُونَ) خبر ، والجملة خبر عن المبتدأ الذي هو و (الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) والمعطوف عليه والموصول محذوف وهو من أو إذ لا يكون من جاء بالصدق هو المصدق به.
(٣) الثناء في الدنيا والثواب في الآخرة.
(٤) في الآية الإشادة بأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذ أثبت لهم التصديق بما جاء به رسوله كما أثبت لهم التقوى والإحسان وواعدهم بالنعيم المقيم الذي ادخره لهم. وفي الحديث الصحيح «الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن أحبهم فبحّبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ربي ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه».