النَّارِ) أي داخلوها محترقون بحرها ولهبها ، فيرد الأتباع عليهم قائلين (بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً (١) بِكُمْ) أي لا سعة ولا راحة (أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا) إذ كنتم تأمروننا بالشرك والكفر والفجور قال تعالى (فَبِئْسَ الْقَرارُ) أي الذي انتهى إليه الطاغون وأتباعهم في النار ، وقالوا أيضا ما اخبر تعالى به عنهم في قوله (قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا) أي العذاب (فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ) أي يا ربنا ضاعف لهم العذاب مرتين لأنهم هم الذين قدموه لنا يوم كانوا يدعوننا إلى الشرك والباطل ويحضوننا عليه. وقوله تعالى (وَقالُوا) أي الطغاة (ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ) (٢) بيننا (أَتَّخَذْناهُمْ) (٣) في الدنيا (سِخْرِيًّا) (٤) نسخر منهم يعنون فقراء المسلمين كبلال وعمّار وصهيب وخبيب ، أمفقودون هم (أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ) أبصارنا فلم نرهم ، قال تعالى (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) أي إن ذلك الكلام الذي دار بين أهل النار حق وصدق هو تخاصم أهل النار فاسمعوه أيها المشركون اليوم آيات تتلى وغدا يوم الحساب حقائق تشاهدوه وغصص تتجرع وحسرات تمزق الأكباد والقلوب.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ ذم الطغيان وهو مجاوزة الحد في الظلم والكفر وبيان جزاء أهله يوم القيامة.
٢ ـ بيان ما يجري من خصام بين أهل النار للعظة والاعتبار.
٣ ـ شكوى الأتباع ممن اتبعوهم في الضلال ومطالبتهم بمضاعفة العذاب لهم.
٤ ـ تذكر أهل النار فقراء المسلمين الذين كانوا يعدونهم متخلفين ورجعيين لأنهم كانوا لا يأتون الفجور والشرور مثلهم.
__________________
(١) (بَلْ) للاضراب الإبطالي لرد الشتم عليهم ، وأنهم هم أولى به منه ، والباء في بهم للبيان فهي بمعنى اللام أي لا مرحبا لهم يستحقونه عندنا.
(٢) جمع شر بمعنى أشر كالأخيار جمع خير بمعنى أخير.
(٣) قرأ نافع وحفص والجمهور (أَتَّخَذْناهُمْ) بهمزة الاستفهام وحذفت همزة الوصل والجملة بدل من جملة (ما لَنا لا نَرى رِجالاً.). (أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) ، و (أَمْ) بمعنى بل أي بل زاغت عنهم أبصارنا فلم نرهم وزاغت بمعنى مالت.
(٤) قرأ نافع سخريا بضم السين وقرأ حفص بكسرها كما في سورة المؤمنون والسخرة الاستهزاء.