(رُخاءً حَيْثُ أَصابَ) : أي لينة حيث أراد.
(وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ) : أي وسخرنا له الشياطين من الجن منهم البناء ومنهم الغواص في البحر.
(مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ) : أي مشدودين في الأصفاد أيديهم إلى أعناقهم في السجون المظلمة وذلك إذا تمردوا وعصوا أمرا من أوامره.
(هذا عَطاؤُنا) : أي وقلنا له هذا عطاؤنا.
(فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ) : أي أعط من شئت وما شئت وامنع كذلك.
(بِغَيْرِ حِسابٍ) : أي منّا لك.
(وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى) : أي وإن لسليمان عندنا لقربة يوم القيامة.
(وَحُسْنَ مَآبٍ) : أي مرجع في الجنة في الدرجات العلا.
معنى الآيات :
ما زال السياق في ذكر إنعام الله على آل داود فقد أخبر تعالى هنا عما منّ به على سليمان فأخبر تعالى انه ابتلاه كما ابتلى أباه داود وتاب سليمان كما تاب داود ولم يسقط ذلك من علو منزلتهما وشرف مقامهما قال تعالى في الآية (٣٤) (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ) (١) أي ابتليناه ، وذلك انه كما اخبر رسول صلىاللهعليهوسلم في الصحيح أنه قال لأطأن الليلة مائة (٢) جارية تلد كل جارية ولدا يصبح فارسا يقاتل في سبيل الله ، ولم يقل إن شاء الله أي لم يستثن ووطىء نساءه في تلك الليلة فعوقب لعدم استثنائه فلم يلدن إلا واحدة جاءت بولد مشلول بالشلل النصفي فلما وضعته أمه أتوا به إلى سليمان ووضعوه على كرسيه. وهو قوله تعالى (وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ) سليمان إلى ربه فاستغفر وتاب فتاب الله عليه وقال (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي (٣) لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) أي لا يكون مثله لسواي من الناس وتوسل إلى الله في قبول دعائه بقوله (إِنَّكَ أَنْتَ
__________________
(١) ذكر المفسرون لهذه الفتنة عدة أمور وهي قصص أشبه بالخرافات الاسرائيلية أمثلها ما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : اختصم إلى سليمان فريقان أحدهما من أهل جرادة امرأة سليمان وكان يحبها فهوى أن يقع القضاء لهم ثم قضى بينهما بالحق فأصابه الذي أصابه عقوبة لذلك الهوى وما في التفسير أصح وأقرب إلى تفسير الآيات.
(٢) نص الحديث عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال سليمان لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله فقال له صاحبه قل إن شاء الله فلم يقل إن شاء الله فطاف عليهن جميعا فلم تحمل منهم إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل وأيم الذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون.
(٣) روى البخاري أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال إن عفريت من الجن تفلت عليّ البارحة ليقطع على صلاتي فحماني الله تبارك وتعالى منه فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا وتنظروا إليه كلكم فذكرت قول أخي سليمان عليهالسلام (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) فرددته خاسئا.