شرح الكلمات :
(وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ) : أي ومن جملة هباتنا لداود الأواب أن وهبنا له سليمان ابنه.
(نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) : أي سليمان أي رجاع إلى ربّه بالتوبة والإنابة.
(الصَّافِناتُ الْجِيادُ) : أي الخيل الصافنات أي القائمة على ثلاث الجياد أي السوابق.
(حُبَّ الْخَيْرِ) : أي حب الخيل عن ذكر ربي وهي صلاة العصر لإنشغاله باستعراض الخيل للجهاد.
(حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) : أي استترت الشمس في الأفق وتغطت عن أعين الناظرين.
(رُدُّوها عَلَيَ) : أي ردوا الخيل التي استعرضتها آنفا فشغلتني عن ذكر ربّي.
(فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ) : أي فأخذ يمسح بسوق تلك الخيل واعناقها.
معنى الآيات :
ما زال السياق في ذكر إفضال الله على داود (١) حيث قال (وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ) فذكر تعالى أنه وهبه سليمان وأثنى على سليمان بأنه نعم العبد لله ، وعلل لتلك الأفضليّة بقوله (إِنَّهُ أَوَّابٌ) (٢) أي كثير الأوبة إلى الله تعالى ، وهي الرجوع إلى الله بذكره واستغفاره عند الغفلة والنسيان العارض للعبد ، وأشار تعالى إلى ذلك بقوله (إِذْ عُرِضَ (٣) عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ) (٤) أي الخيل القوية على السير التي إذا وقفت تأبى أن تقف على أربع كالحمير بل تقف على ثلاث وترفع الرابعة ، والجياد هي السريعة العدو ، وهذا العرض كان استعراضا منه لها إعدادا لغزو أراده فاستعرض خيله فانشغل بذلك عن صلاة العصر فلم يشعر إلا وقد غربت الشمس وهو معنى قوله تعالى
(حَتَّى تَوارَتْ) أي استترت الشمس (بِالْحِجابِ) أي بالأفق الذي حجبها عن أعين الناظرين. فندم لذلك وقال (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ) أي الخيل (عَنْ ذِكْرِ رَبِّي) وصلى العصر ، ثم عاد إلى إكمال الاستعراض فردها رجاله عليه فجعل يمسح بيده سوقها (٥) وأعناقها حتى أكمل استعراضها هذا وجه الأوبة التي وصف بها سليمان عليهالسلام في قوله تعالى (إِنَّهُ أَوَّابٌ).
__________________
(١) جملة (نِعْمَ الْعَبْدُ) في محل نصب على الحال والمخصوص بالمدح محذوف أي سليمان.
(٢) الجملة تعليلية لما سبقها.
(٣) العارض هم سوّاس خيله. والعرض هو الإمرار والإحضار أمام الرائي والجياد جمع جواد وهو الفرس الشديد الحضر ، كما يقال للإنسان جواد إذا كان كثير العطية غزيرها. والجواد يجمع على أجواد وأجاود.
(٤) (الصَّافِناتُ) صفة لموصوف محذوف وهو الخيل أو الأفراس وهو الذي يقف على ثلاث قوائم والواحدة صافنة.
(٥) ذكر كثير من المفسرين أن قوله فطفق مسحا بالسوق والأعناق أنه ذبحها وأطعمها الفقراء لأنها ألهته عن الصلاة وما في التفسير هو اختيار ابن جرير وهو الحق والصواب.