مثل هذه الاعتداءات ، (وَقَلِيلٌ ما هُمْ) أي وهم قليل جدا ، وهنا طار الملكان من بين يدي داود وعرجا إلى السماء فعلم عندئذ أنما فتنة ربّه كما رغب إليه وأنه لم يصبر حيث قضى بدون أن يسمع من الخصم الثاني فكانت زلة صغيرة أرته أن ما ناله إبراهيم واسحق ويعقوب من الكمال كان نتيجة ابتلاء عظيم ، وهنا استغفر داود ربّه (وَخَرَّ (١) راكِعاً) يبكي ويطلب العفو وأناب إلى ربّه في أمره كله ، وذكر تعالى أنه قبل توبته وعفا عنه فقال تعالى (فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى) أي لقربة عندنا (وَحُسْنَ مَآبٍ) أي مرجع وهو الدرجات العلا في دار الأبرار ، جعلنا الله تعالى من أهلها بفضله ورحمته.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ فائدة عرض مثل هذا القصص تقوية قلب الرسول صلىاللهعليهوسلم وتثبيت فؤاده وحمله على الصبر.
٢ ـ تقرير نبوة النبي صلىاللهعليهوسلم إذ مثل هذا القصص لا يتأتّى له قصه إلا بوحي إلهي.
٣ ـ تقرير جواز تشكل الملائكة في صورة (٢) بني آدم.
٤ ـ حرمة إصدار القاضي أو الحاكم الحكم قبل أن يسمع الدعوى من الخصمين معا إذ هذا محل الفتنة التي كانت لداود عليهالسلام.
٥ ـ وجوب التوبة عند الوقوع في الذنب
٦ ـ مشروعية السجود (٣) عند قراءة هذه الآية (وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ).
(يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ
__________________
(١) أطلق الركوع وأريد به السجود وهو شائع كما في قول الشاعر :
فخر على وجهه راكعا |
|
وتاب إلى الله من كل ذنب |
(٢) وكثيرا ما كان جبريل يأتي رسول الله صلىاللهعليهوسلم في صورة دحية بن خليقة الكلبي.
(٣) في البخاري قال ابن عباس قال صلىاللهعليهوسلم ليست من عزائم القرآن وقد رأيت النبي صلىاللهعليهوسلم يسجد فيها قال ابن العربي : والذي عندي أنها ليست موضع سجود ولكن النبي صلىاللهعليهوسلم سجد فيها فسجدنا بالاقتداء به وقد صح عن النبي صلىاللهعليهوسلم سجود الشكر. ولما بشر بقتل أبي جهل قام فصلى ركعتين شكرا لله تعالى.