اذكره لتتأسى به في صبره وقوته في الحق وقوله تعالى (إِنَّا سَخَّرْنَا) الآيات بيان لإنعام الله تعالى على داود لتعظم الرغبة في الاقتداء به ، والرغبة إلى الله تعالى فيما لديه من إفضالات (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) (١) أي إذا سبح داود في المساء من بعد العصر إلى الغروب وفي الاشراق وهو وقت الضحى سبحت الجبال معه أي رددت تسبيحه كرامة له (وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً) أي وسخرنا الطير محشورة أي مجموعة تردد التسبيح معه ، وقوله (كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) أي كل من الجبال والطير أواب أي رجاع يسبح الله تعالى. وقوله (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ) أي قوينا ملك داود بمنحنا إياه لك أسباب القوة المادية والروحية. (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ) وهي النبوة والإصابة في الأمور والسداد فيها قولا كانت أو فعلا. (وَفَصْلَ الْخِطابِ) أي حسن القضاء والبصيرة فيه ، والبيان الشافي في كلامه. فبه اقتده يا رسولنا.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تسلية الرسول صلىاللهعليهوسلم وحمله على الصبر على أذى قريش وتكذيبها وعنادها.
٢ ـ تهديد قريش إذا أصرت على التكذيب بأشد أنواع العقوبات.
٣ ـ بيان استهزاء المشركين واستخفافهم بأخبار الله تعالى وشرائعه.
٤ ـ مشروعية الأسوة والاقتداء بالصالحين.
٥ ـ بيان آية تسخير الله تعالى الجبال والطير لداود تسبح الله تعالى معه.
٦ ـ حسن (٢) صوت داود في قراءته وتسبيحه.
٧ ـ مشروعية صلاة الإشراق والضحى.
(وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ (٢١) إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ
__________________
(١) قال ابن عباس رضي الله عنهما كنت أمر بهذه الآية بالعشي والإشراق ولا أدري ما هي حتى حدثتني أم هانىء أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم دخل عليها فدعا بوضوء فتوضأ ثم صلى صلاة (الضحى) وقال يا أم هانىء هذه صلاة الإشراق. وروى البخاري عن أبي هريرة قال أوصاني خليلي بثلاث خصال لا أدعهن حتى أموت صوم ثلاثة أيام من كل شهر وصلاة الضحى ونوم على وتر.
(٢) شاهده قوله صلىاللهعليهوسلم لأبي موسى الأشعرى وقد سمعه يقرأ القرآن ويرتل بحسن صوت لقد أوتيت مزمارا من مزامير داود.
والمزمار والمزمور الصوت الحسن وبه سميت آلة الزمر مزمارا.