القتل في سبيل الله.
(وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) : أي في عهدهم بخلاف المنافقين فقد نكثوا عهدهم.
(وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ) : أي ورد الله الأحزاب خائبين لم يظفروا بالمؤمنين.
(وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) : أي بالريح والملائكة
معنى الآيات :
ما زال السياق في سرد أحداث غزوة الأحزاب فقوله تعالى (يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا) أي يحسب أولئك المنافقون الجبناء الذين قالوا إن بيوتنا عورة وقالوا لإخوانهم هلم إلينا أي اتركوا محمدا في الواجهة وحده إنهم لجبنهم ظنوا أن الأحزاب لم يعودوا إلى بلادهم مع أنهم قد رحلوا وهذا منتهى الجبن والخوف وقوله تعالى (وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ) أي مرة أخرى على فرض وتقدير (يَوَدُّوا) يومئذ (لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ (١) فِي الْأَعْرابِ) أي خارج المدينة مع الأعراب في البادية لشدة خوفهم من الأحزاب الغزاة ، وقوله تعالى (يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ) (٢) أي أخباركم هل ظفر بكم الأحزاب أو لا ، (وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ) أي بينكم ولم يكونوا في البادية (ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً) وذلك لجبنهم وعدم إيمانهم بفائدة القتال لكفرهم بلقاء الله تعالى وما عنده من ثواب وعقاب هذا ما تضمنته الآية الأولى (٢٠) وقوله تعالى في الآية الثانية (٢١) (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي (٣) رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا (٤) اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) أي : لقد كان لكم أيها المسلمون أي : من مؤمنين صادقين ومنافقين كاذبين في رسول الله محمد صلىاللهعليهوسلم أسوة حسنة أي قدوة صالحة فاقتدوا به في جهاده وصبره وثباته ، فقد جاع حتى شد بطنه بعصابة وقاتل حتى شجّ وجهه وكسرت رباعيته ومات عمه وحفر الخندق بيديه وثبت في سفح سلع أمام العدو قرابة شهر فأتسوا به في الصبر والجهاد والثبات إن كنتم ترجون الله أي تنظرون ما عنده من خير في مستقبل أيامكم في الدنيا والآخرة وترجون اليوم الآخر أي ترتقبونه وما فيه من سعادة
__________________
(١) قرىء لو أنهم بدّى جمع باد كغاز وغزّى ، يقال بدا فلان يبدو إذا خرج إلى البادية وهي البداوة والبداوة بالكسر والفتح.
(٢) أي هل هلك محمد وأصحابه ، أم غلب أبو سفيان وأحزابه؟ أي يودون لو أنهم بادون سائلون عن أنبائكم من غير مشاهدة قتال لفرط جبنهم.
(٣) هذه الآية تحمل عتابا شديدا للمتخلفين عن القتال والأسوة بضم الهمزة قراءة عاصم وبالكسر قراءة الجمهور وهي اسم لما يؤتسى به أي يقتدى به : ويعمل مثل عمله وجمع الأسوة أسى وإسى.
(٤) اختلف في الاتساء برسول الله صلىاللهعليهوسلم هل هو على الايجاب أو الندب أو هو على الايجاب. حتى يقوم دليل الاستجاب أو هو على العكس ، والصواب أنه فيما هو واجب واجب وفيما هو مستحب مستحب.