الرضاع.
(وَإِنْ جاهَداكَ) : أي بذلا جهدهما في حملك على الشرك.
(وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) : أي واصحبهما في حياتهما بالمعروف وهو البر والإحسان وكف الأذى والطاعة في غير معصية الله.
(مَنْ أَنابَ إِلَيَ) : أي رجع إليّ بتوحيدي وطاعتي وطاعة رسولي محمد صلىاللهعليهوسلم.
/ معنى الآيات
ما زال السياق الكريم في تقرير التوحيد والتنديد بالشرك والمشركين وهذه القصة اللقمانية اللطيفة مشوقة لذلك قال تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) أي أعطينا عبدنا لقمان الحكمة وهي الفقه في الدين والإصابة في الأمور ورأسها مخافة الله تعالى بذكره وشكره الذي هو طاعته في عبادته وتوحيده فيها. وقوله : (أَنِ اشْكُرْ (١) لِلَّهِ) أي وقلنا له اشكر الله خالقك ما أنعم به عليك بصرف تلك النعم فيما يرضيه عنك ولا يسخطه عليك. وقوله تعالى (وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) أي ومن شكر الله بطاعته فإن ثمرة الشكر وعائدته للشاكر نفسه بحفظ النعمة والزيادة فيها أما الله فإنه غني بذاته محمود بفعاله فلا يفتقر إلى خلقه في شيء إذ هم الفقراء إليه سبحانه وتعالى. وقوله تعالى : (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ) أي واذكر يا رسولنا لهؤلاء المشركين قول لقمان لابنه وأخص الناس به وهو ينهاه عن الشرك الذي نهيتكم أنا عنه فغضبتم وأصررتم عليه عنادا ومكابرة فقال له : بما اخبر به تعالى عنه في قوله : (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ) (٢) (وَهُوَ يَعِظُهُ) أي يأمره وينهاه مرغبا له في الخير مرهبا له من الشر : (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ) أي في عبادته أحدا. وعلل لنهيه ليكون أوقع في نفسه فقال : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ (٣) عَظِيمٌ) والظلم وضع الشيء في غير موضعه ويترتب عليه الفساد والخسران الكبير ، وعبادة غير الله وضع لها في غير موضعها إذ العبادة حق الله على عباده
__________________
(١) وجائز أن تكون أن التفسيرية أي مفسرة للفظ الحكمة بأنها الشكر لله تعالى وهي أقوال القيت إليه بإلهام ففي الحكمة معنى القول دون حروفه. كما فسرت (حاجة) في قول الشاعر لأنها بمعنى القول.
إن تحملا حاجة لي خف محملها |
|
تستوجبا منة عندي بها ويدا |
أن تقرآن على أسماء ويحكما |
|
مني السّلام وان لا تخبرا أحدا |
(٢) قيل كان اسم ابنه ثاران وقيل مشكم وقيل أنعم والله أعلم.
(٣) روي مسلم انه لما نزلت (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) شق ذلك على أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقالوا أينا لا يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه : يا بنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم.