لإصرارهم على الشرك ودعوتهم إليه وظلم المؤمنين وأذيتهم من أجل إيمانهم ، وقوله تعالى : (وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) تقرير لإرادته الحرة فهو عزوجل يثبت من يشاء ويضل من يشاء فلا اعتراض عليه ولا نكير مع العلم أنه يهدي ويضل بحكم عالية تجعل هدايته كإضلاله رحمة وعدلا.
وقوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ) أي ألم ينته إلى علمك أيها الرسول (إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ) التي هي الإسلام الذي جاءهم به رسول الله بما فيه من الهدى والخير فكذبوا رسول الله وكذبوا بما جاء به ورضوا بالكفر وأنزلوا بذلك قومهم الذين يحثونهم على الكفر ويشجعونهم على التكذيب أنزلوهم (١) (دارَ الْبَوارِ) (٢) فهلك من هلك في بدر كافرا الى جهنم ، ودار البوار هي جهنم يصلونها أي يحترقون بحرها ولهيبها (وَبِئْسَ الْقَرارُ) أي المقر الذي أحلوا قومهم فيه ، وقوله تعالى : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) أي جعل أولئك الذين بدلوا نعمة الله كفرا وهم كفار مكة لله أندادا أي شركاء عبدوها وهي اللّات والعزّى وهبل ومناة وغيرها من آلهتهم الباطلة ، جعلوا هذه الأنداد ودعوا إلى عبادتها ليضلوا ويضلوا غيرهم عن سبيل الله التي هي الإسلام الموصل إلى رضا الله تعالى وجواره الكريم ، وقوله تعالى : (قُلْ تَمَتَّعُوا) (٣) أي بما أنتم فيه من متاع الحياة الدنيا (فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ) أي نهاية أمركم (إِلَى النَّارِ) حيث تصيرون إليها بعد موتكم إن أصررتم على الشرك والكفر حتى متم على ذلك.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ استحسان ضرب الأمثال لتقريب المعاني إلى الأذهان.
٢ ـ المقارنة بين الإيمان والكفر ، وكلمة التوحيد وكلمة الكفر وما يثمره كل واحد من هذه الأصناف من خير وشر.
__________________
(١) هذه الآية نزلت في قريش ، وقيل : في هلكى بدر ، وقيل : في متنصّرة العرب : جبلة بن الأيهم وأصحابه ، والظاهر أنها عامة في كل من كفر بالله ورسوله وحاد عن سبيلهما ، وقال الحسن : إنها عامة في جميع المشركين.
(٢) (الْبَوارِ) : الهلاك.
(٣) الأمر للتهديد والوعيد ، وفي اللفظ إشارة إلى قلّة ما في الدنيا من ملاذ مع سرعة زوالها ولزوم انقطاعها.