وقوله (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) أي الإستئذان خير لكم أي من عدمه لما فيه من الوقاية من الوقوع في الإثم وقوله : (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) أي تذكرون أنكم مؤمنون وأن الله تعالى أمركم بالإستئذان حتى لا يحصل لكم ما يضركم وبذلك يزداد إيمانكم وتسموا أرواحكم. وقوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً) أي في البيوت يأذن لكم أي بالدخول فلا تدخلوها وقوله تعالى : (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا) لأمر اقتضى ذلك (فَارْجِعُوا) وأنتم راضون غير ساخطين. وقوله تعالى : (هُوَ أَزْكى لَكُمْ) أي أطهر لنفوسكم وأكثر عائدة خير عليكم. وقوله تعالى : (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ) (١) (عَلِيمٌ) أي مطلع على أحوالكم فتشريعه لكم الإستئذان واقع موقعه إذا فأطيعوه فيه وفي غيره تكملوا وتسعدوا.
وقوله : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ). هذه رخصة منه تعالى لعباده المؤمنين بأن لا يستأذنوا عند دخولهم بيوتا غير مسكونة أي ليس فيها نساء من زوجات وسريات يحرم النظر إليهن وذلك كالدكاكين والفنادق وما إلى ذلك فللعبد أن يدخل لقضاء حاجاته المعبر عنها بالمتاع بدون استئذان لأنها مفتوحة للعموم من أصحاب الأغراض والحاجات أما السّلام فسنة على من دخل على دكان أو فندق فليقل السّلام عليكم والذي يسقط هو الإستئذان أي طلب الإذن لا غير.
وقوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ) أي يعلم ما تظهرون من أقوالكم وأعمالكم وما تخفون إذا فراقبوه تعالى في أوامره ونواهيه وافعلوا المأمور واتركوا المنهي تكملوا وتسعدوا في الدنيا والآخرة.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ مشروعية (٢) الإستئذان ووجوبه على كل من أراد أن يدخل بيتا مسكونا غير بيته.
٢ ـ الرخصة في عدم الإستئذان من دخول البيوت والمحلات غير المسكونة للعبد فيها غرض.
__________________
(١) ورد في الصحيح ما يجعل الاستئذان متأكدا فوق المشروعية إذ أنّ رجلا اطلع في جحر في باب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومع رسول الله صلىاللهعليهوسلم مدرا يرجّل به رأسه فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم (لو أعلم أنك تنظر لطعنت به في عينك إنما جعل الله الإذن من أجل البصر) وفي الآية توعد ظاهر لأهل التجسس على البيوت وطلب الدخول على غفلة.
(٢) وإذا قيل له من؟ فلا يقل أنا بل يقول فلان ابن فلان لحديث الشيخين وغيرهما عن جابر رضي الله عنه قال : استأذنت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : من هذا؟ فقالت أنا فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : أنا أنا كأنه كره ذلك).