فيقذفه بهذه الكلمة (١) الخبيثة فإن عليه أن يحضر شهودا أربعة يشهدون أمام الحاكم على صحة ما رمى به أخاه المؤمن فإن لم يأت بالأربعة شهود أقيم عليه الحد المذكور في الآية : وهو جلد ثمانين جلدة على ظهره وتسقط عدالته حتى يتوب وهو معنى قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) أي عن طاعة الله ورسوله (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا) بأن كذبوا أنفسهم بأنهم ما رأوا الفاحشة وقوله : (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ) فيغفر لهم بعد التوبة (رَحِيمٌ) بهم يرحمهم ولا يعذبهم بهذا الذنب العظيم بعد ما تابوا منه.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين :
١ ـ بيان حد القذف وهو جلد ثمانين جلدة لمن قذف مؤمنا أو مؤمنة بالفاحشة وكان المقذوف بالغا عاقلا (٢) مسلما عفيفا أي لم يعرف بالفاحشة قبل رميه بها (٣).
٢ ـ سقوط عدالة القاذف إلا أن يتوب فإنه تعود إليه عدالته.
٣ ـ قبول (٤) توبة التائب إن كانت توبته صادقة نصوحا.
(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٦)
__________________
(١) اختلف في التعريض هل يوجب الحد أو لا؟ فما لك يرى إيجابه إذا حصلت المعرة بالتعريض وإلا فلا وأخذ التعريض من آية : (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) قاله قوم شعيب لنبيهم شعيب عليهالسلام تعريضا به لا مدحا له ومن أمثلة التعريض قول الشاعر :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها |
|
واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي |
شبهه بالنساء.
وقال آخر :
قبيلة لا يغدرون بذمة |
|
ولا يظلمون الناس حبّة خردل |
اتهم القبيلة بالضعف وهو من أحوال النساء.
(٢) للقذف شروط تسعة : العقل والبلوغ وهما للقاذف والمقذوف سواء إذ هما شرط التكليف ، وشرطان في الشيء المقذوف به وهما أن يكون القذف بوطىء يوجب الحد وهو الزنى واللواط أو بنفيه من أبيه وخمسة في المقذوف وهي : العقل والبلوغ كما تقدّم والاسلام والحرية والعفة.
(٣) الجمهور على أنه لا حد على من قذف كتابيا ذكرا أو أنثى والاجماع على عدم إقامة الحد على من قذف كافرا لأنه لا يحرم الزنى فكيف يحد على من قذف به؟.
(٤) إن شهد أربعة وأقيم الحد على المقذوف ثم أقرّ أحد الشهود بأنه كان كاذبا فإن لأولياء الدم بين قتله وبين العفو عنه وبين أخذ ربع الدية منه. هذا مذهب مالك وبه قال أحمد رحمهماالله تعالى.