(مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ) : أي بالحرم أي كانوا يقولون : لا يظهر علينا فيه أحد لأنّا أهل الحرم.
(سامِراً تَهْجُرُونَ) : أي تسمرون بالحرم ليلا هاجرين الحق وسماعه على قراءة فتح التاء وعلى قراءة ضمها تهجرون أي تقولوا الهجر من القول كالفحش والقبح.
(رَسُولَهُمْ) : أي محمدا صلىاللهعليهوسلم.
(بِهِ جِنَّةٌ) : أي مجنون.
معنى الآيات :
(بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا) أي ليس الأمر كما يحسب هؤلاء المشركون أنّا نمدهم بالمال مسارعة منا لهم في الخيرات لرضانا عنهم لا بل إن قلوبهم في غمرة وعمى من القرآن ، (وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ) (١) أي دون عمل المؤمنين. (هُمْ لَها عامِلُونَ) حتى تنتهي بمترفيهم إلى هلاكهم ودمارهم وقوله تعالى : (حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ) أي استمرت الأعمال الشركية الإجرامية حتى أخذ الله تعالى مترفيهم في بدر بعذاب القتل والأسر (إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ) (٢) يضجون بالصراخ مستغيثين ، والله تعالى يقول لهم : (لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ) وذكر تعالى لهم ما كانوا عليه من التكذيب والاستكبار وقول الهجر موبخا إياهم (قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ) (٣) هروبا من سماعها حال كونكم (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ) أي بالحرم زاعمين أنكم أهل الحرم ، وأن أحدا لا يظهر عليكم فيه لأنكم أهله وقوله : (سامِراً (٤) تَهْجُرُونَ) أي تسمرون بالليل تهجرون بذلك سماع الحق ودعوة الحق التي تتلى بها عليكم آيات الله. وقد قرىء
__________________
(١) عن ابن عباس رضي الله عنهما دون ذلك أي : دون الشرك من كبائر الذنوب هم عاملوها لا محالة إذ كتبت عليهم ليدخلوا بها النار ، وما كان دون عمل المؤمنين قطعا هو الشرك والمعاصي ، فلا منافاة بين ما في التفسير وما روي عن ابن عباس.
(٢) الجؤار : كالخوار يقال : خار الثور يخأر : إذا صاح ، وجأر الرجل بالدعاء : تضرع به ، قال قتادة : يصرخون بالتوبة فلا تقبل منهم ، وجأروا كذلك يوم أصابهم القحط والجدب فجاعوا حتى كادوا يهلكون بدعوة الرسول صلىاللهعليهوسلم.
(٣) (تَنْكِصُونَ) : ترجعون وراءكم ، وأصله الرجوع إلى الوراء القهقري. قال الشاعر :
زعموا أنهم على سبل النجا |
|
ة وإنما نكصوا على الأعقاب |
(٤) (سامِراً) معناه سمّارا أي : جماعة تتحدّثون بالليل ، والسمر مأخوذ من السّمر الذي هو ظل القمر ، ومنه سمرة اللون وكانوا يتحدثون حول الكعبة في سمرة القمر فسمي التحدّث به ، وقرى سمّارا جمع سامر. يقال : جاء من السامر يريد : من القوم الذين يسمرون ، وفي الحديث : كراهة النوم قبل العشاء ، والحديث أي السمر بعدها ، وروي أن عمر رضي الله عنه كان يضرب الناس على الحديث بعد العشاء ويقول : أسمرا أول الليل ونوما آخره؟!!