(كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) : أي ظالم يجبر الناس على مراده عنيد كثير العناد.
(مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) : أي هو ما يخرج سائلا من أجواف أهل النار مختلطا من قيح ودم وعرق.
(يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ) : أي يبتلعه مرة بعد مرة لمرارته ولا يقارب ازدراده لقبحه ومراراته.
(وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ) : أي لشدة ما يحيط به من العذاب فكل أسباب الموت حاصلة ولكن لا يموت.
(أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ) : أي الصالحة منها كصلة الرحم وبر الوالدين وإقراء الضيف وفك الأسير والفاسدة كعبادة الأصنام بالذبح لها والنذر والحلف والعكوف حولها كرماد.
(لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ) : أي لا يحصلون من أعمالهم التي كسبوها على ثواب وإن قل لأنها باطلة بالشرك.
(وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) : أي بصعب ممتنع عليه.
معنى الآيات :
هذا آخر حديث ما ذكر به موسى قومه من أنباء الأمم السابقة على بنى اسرائيل ، قال تعالى في الإخبار عنهم : (وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) أي واستفتح الرسل أي طلبوا من الله تعالى أن يفتح عليهم (١) بنصر على أعدائه وأعدائهم واستجاب الله لهم ، (وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) (٢) أي خسر وهلك كل ظالم طاغ معاند للحق وأهله ، وقوله (١) : (مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ) (٣) أي أمامه جهنم تنتظره سيدخلها بعد هلاكه ويعطش ويطلب الماء
__________________
(١) كقولهم : (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ) قالها شعيب والمؤمنون معه ، وكان النبي صلىاللهعليهوسلم يدعو طالبا نصره وهزيمة أعدائه.
(٢) العنيد : المعاند للحق ، والجبار : المتعاظم الشديد التكبر ، وقيل هو من يجبر الناس على مراده ، وهو وصف مذموم لغير الله تعالى.
(٣) لفظ وراء يطلق على ما كان خلفا وما كان أماما ، لأنّ كل ما ووري أي : استتر فهو وراء. وقوله : (مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ) : صفة لجبار عنيد ، والوراء مستعمل في معنى ما ينتظره ويحل به من بعد ، قال الشاعر :
عسى الكرب الذي أمسيت فيه |
|
يكون وراءه فرج قريب |
أي بعده.