منها ، ويقولون لهم : (وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) أي لا تخرجوا منها وذوقوا عذاب الحريق. فهذا جزاء الخصم الكافر ، وأما الخصم المؤمن فهذا جزاؤه وهو في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً) (١) أي أساور (٢) من لؤلؤ محلاة بالذهب (وَلِباسُهُمْ فِيها) أي في الجنة (حَرِيرٌ) (٣) وقوله تعالى : (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) في الدنيا وهو لا إله إلا الله وسائر الأذكار والتسابيح وكل كلام طيب ، (وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ) وهذا الطريق الموصل إلى رضا ربهم وهو الإسلام ، وكل ذلك بتوفيق ربهم الذي آمنوا له وبرسوله وأطاعوه بفعل محابه وترك مساخطه.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ إثبات حقيقة هي أن المؤمن خصم الكافر والكافر خصم المؤمن في كل زمان ومكان حيث إنّ الآية نزلت في على وحمزة وعبيدة بن الحارث هذا الخصم المؤمن ، وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وهذا الخصم الكافر وذلك أنهم تقاتلوا يوم بدر بالمبارزة ونصر الله الخصم المؤمن على الكافر.
٢ ـ بيان جزاء كل من الكافرين والمؤمنين في الدار الآخرة.
٣ ـ تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر أحوال الآخرة وما للناس فيها.
٤ ـ بيان الطيب من القول وهو كلمة التوحيد وذكر الله تعالى.
٥ ـ بيان صراط الحميد وهو الإسلام جعلنا الله من أهله.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٥))
__________________
(١) نصب على تقدير : ويحلّون لؤلؤا.
(٢) قالت العلماء : ليس أحد من أهل الجنة إلّا وفي يده ثلاثة أسورة. سوار من ذهب ، وسوار من لؤلؤ وسوار من فضة.
(٣) روى أبو داود بإسناد صحيح أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : (من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ، وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه هو) وصحّ قوله صلىاللهعليهوسلم (من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة).