يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) أي يوم تقوم القيامة فينشرون يدعوهم الداعي هلموا إلى أرض المحشر فلا يميلون عن صوته يمنة ولا يسرة وهو معنى لا عوج له. وقوله تعالى : (وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ) أي ذلت وسكنت (فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً) وهو صوت خفي كأصوات خفاف الإبل إذا مشت وقوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ) عنده (إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) أي يخبر تعالى انهم يوم جمعهم للمحشر لفصل القضاء لا تنفع شفاعة أحد أحدا إلا من أذن له الرحمن في الشفاعة ، ورضى له قولا أي وكان المشفوع فيه من أهل التوحيد أهل لا إله إلا الله وقوله (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ ، وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) أي يعلم ما بين أيدي أهل المحشر أي ما يسيحكم به عليهم من جنة أو نار ، وما خلفهم مما تركوه من أعمال في الدنيا ، وهم لا يحيطون به عزوجل علما ، فلذا سيكون الجزاء عادلا رحيما ، وقوله : (وَعَنَتِ (١) الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) (٢) أي ذلت وخضعت كما يعنو بوجهه الأسير ، والحي القيوم هو الله جل جلاله وقوله تعالى : (وَقَدْ خابَ) أي خسر (مَنْ حَمَلَ ظُلْماً) ألا وهو الشرك والعياذ بالله وقوله تعالى : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) والحال أنه مؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر والبعث الآخر (٣) فهذا لا يخاف ظلما بالزيادة في سيّاته ، ولا هضما بنقص من حسناته ، وهي عدالة الله تعالى تتجلى في موقف الحساب والجزاء.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ بيان جهل المشركين في سؤالهم عن الجبال.
٢ ـ تقرير مبدأ البعث الآخر.
٣ ـ لا شفاعة لغير أهل التوحيد فلا يشفع مشرك ، ولا يشفع لمشرك.
٤ ـ بيان خيبة المشركين وفوز الموحدين يوم القيامة.
__________________
(١) ومنه قيل للأسير عان ، قال أمية بن الصلت.
مليك على عرش السماء مهيمن |
|
لعزّته تعنو الوجوه وتسجد |
(٢) القيوم : أي : القائم بتدبير الخلق ، والقائم على كل نفس بما كسبت.
(٣) والقدر خيره وشرّه.