تعالى : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ) بأن قلت لا إله إلا الله (١) ، أو ما أفهم معنى (٢) لا إله إلا الله ولى المشركون على أدبارهم (٣) نفورا من سماع التوحيد لحبهم الوثنية وتعلق قلوبهم بالشرك.
وقوله تعالى (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ) يقول تعالى لرسوله نحن أعلم بما يستمع به المشركون أي بسبب أنهم يستمعون من أجل الاستهزاء بك والسخرية منك ومما تتلوه لا أنهم يستمعون للعلم والمعرفة ولطلب الحق والاهتداء إليه. وقوله : (إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى) أي يناجي بعضهم بعضا (إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ) (٤) أي المشركون (إِنْ تَتَّبِعُونَ) أي لا تتبعون (إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) أي مخدوعا مغلوبا على أمره ، فكيف تتبعونه إذا؟.
وقوله تعالى : (انْظُرْ كَيْفَ (٥) ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ) أي انظر يا رسولنا كيف ضرب لك هؤلاء المشركون المعاندون الأمثال فقالوا عنك : ساحر ، وشاعر ، وكاهن ومجنون فضلوا في طريقهم (وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) إنهم عاجزون عن الخروج من حيرتهم هذه التي أوقعهم فيها كفرهم وعنادهم.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير قاعدة حبك الشيء يعمى ويصم : فإن الحجاب المذكور في الآية وكذا الأكنة والثقل في الآذان هذه كلها حالت دون سماع القرآن من أجل بغضهم للرسول صلىاللهعليهوسلم وللقرآن وما جاء به عن الدعوة إلى التوحيد.
٢ ـ بيان مدى كراهية المشركين للتوحيد وكلمة الإخلاص لا إله إلا الله.
٣ ـ بيان مدى ما كان عليه المشركون من السخرية والاستهزاء بالرسول والقرآن.
٤ ـ بيان اتهامات المشركين للرسول صلىاللهعليهوسلم بالسحر مرة والكهانة ثانية والجنون ثالثة بحثا عن الخلاص من دعوة التوحيد فلم يعثروا على شيء كما قال تعالى : (فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً).
__________________
(١) أي : وأنت تقرأ القرآن.
(٢) أي : دلّ على معنى لا إله إلا الله.
(٣) يجوز أن يكون نفور جمع نافر كشهود جمع شاهد ، ويجوز أن يكون مصدرا من نفر نفورا أي : نفروا نفورا.
(٤) قولهم هذا وهم يتناجون يقولون إن تتبعون إلّا رجلا مسحورا أي : مطبوبا قد خبله السحر فاختلط عليه أمره. يقولون هذا حتى ينفروا الناس عنه ولا يتبعوه.
(٥) عجّبه من صنعهم كيف يقولون تارة ساحر وتارة مجنون وأخرى شاعر فضلّوا فلا يستطيعون سبيلا يرجعون معه من حيرتهم أو يتمكنون به من صدّ النّاس عنك وصرفهم عن دعوتك.