الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (١٩) كُلاًّ نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً (٢٠) انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (٢١) لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً (٢٢))
شرح الكلمات :
(الْعاجِلَةَ) : أي الدنيا لسرعة انقضائها.
(يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً) : أي يدخلها ملوما مبعدا من الجنة.
(وَسَعى لَها سَعْيَها) : أي عمل لها العمل المطلوب لدخولها وهو الإيمان والعمل الصالح.
(كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) : أي عملهم مقبولا مثابا عليه من قبل الله تعالى.
(كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ) : أي كل فريق من الفريقين نعطي.
(وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً) : أي لم يكن عطاء الله في الدنيا محظورا أي ممنوعا عن أحد.
(كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) : أي في الرزق والجاه.
(لا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) : أي لا تعبد مع الله تعالى غيره من سائر المعبودات الباطلة.
(فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً) : أي فتصير مذموما من الملائكة والمؤمنين مخذولا من الله تعالى.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في أخبار الله تعالى الصادقة والمتضمنة لأنواع من الهدايات الإلهية التي لا يحرمها إلا هالك ، فقال تعالى في الآية الأولى (١٨) (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ) أي الدنيا (عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ) ، لا ما يشاؤه العبد ، وقوله (لِمَنْ نُرِيدُ) لا من يريد غيرنا فالأمر كله لنا ، (ثُمَ) بعد ذلك (جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً) أي ملوما (مَدْحُوراً) (١) أي مطرودا من رحمتنا التي هي الجنة دار الأبرار أي المطيعين الصادقين. وقوله تعالى في الآية الثانية (١٩) (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ) يخبر
__________________
(١) قال القرطبي : (مَذْمُوماً مَدْحُوراً) أي : مطرودا مبعدا من رحمة الله ، وهذه صفة المنافقين الفاسقين والمرائين والمدّاحين يلبسون الإسلام والطاعة لينالوا عاجل الدنيا من الغنائم وغيرها ، فلا يقبل ذلك العمل منهم في الآخرة ولا يعطون في الدنيا إلّا ما قسم لهم.