وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (٦٢))
شرح الكلمات :
(وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ) : إذ قالوا الملائكة بنات الله.
(وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) : أي الذكور من الأولاد.
(ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا) : أي متغيرا بالسواد لما عليه من كرب.
(وَهُوَ كَظِيمٌ) : أي ممتلىء بالغم.
(أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ) : أي يدفن تلك المولودة حية وهو الوأد.
(مَثَلُ السَّوْءِ) : أي الصفة القبيحة.
(وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى) : أي الصفة العليا وهي لا إله إلا الله.
(أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى) : أي الجنة إذ قال بعضهم ولئن رجعت إلى ربي ان لي عنده للحسنى.
(وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ) : أي مقدمون إلى جهنم متروكون فيها.
معنى الآيات :
ما زال السياق في بيان أخطاء المشركين في اعتقاداتهم وسلوكهم فقال تعالى : (وَيَجْعَلُونَ (١) لِلَّهِ الْبَناتِ ـ سُبْحانَهُ ـ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) (٢) وهذا من سوء أقوالهم وأقبح اعتقادهم حيث ينسبون إلى الله تعالى البنات ، إذ قالوا الملائكة بنات الله في الوقت الذي يكرهون نسبة البنات إليهم ، حتى إذا بشر أحدهم بأنثى بأن أخبر بأنه ولدت له بنت ظل نهاره كاملا في غم وكرب (وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) (٣) ممتلىء بالغم والهم. (يَتَوارى) أي يستتر ويختفي عن أعين الناس خوفا من المعرة ، وذلك (مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ) وهو البنت وهو في ذلك بين أمرين إزاء هذا المبشّر به : إما أن يمسكه. أن يبقيه في بيته بين
__________________
(١) هذه الآية نزلت في خزاعة وكنانة إذ زعموا أنّ الملائكة بنات الله ، وكانوا يقولون : ألحقوا البنات بالبنات.
(٢) (ما) موصولة ، وهو وصلته مبتدأ في محل رفع ، والخبر متعلّق الجار والمجرور أي : ثابت لهم.
(٣) الكظيم : مشتق من الكظامة وهو شدّ فم القربة ، إذا الكظيم هو المغموم الذي يطبق فاه فلا يتكلّم من الغمّ.