معنى الآيات :
إن المناسبة بين سورتي هود ويوسف عليهماالسلام أن الثانية تتميم للقصص الذي اشتملت عليه الأولى إذ سورة يوسف اشتملت على أطول قصص في القرآن الكريم أوله (إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ) رابع آية وآخره (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ) الآية الثانية بعد المائة وأما سبب نزول هذه السورة فقد قيل للرسول (١) صلىاللهعليهوسلم لو قصصت علينا فأنزل الله تعالى (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) إلى قوله (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ) فقص أحداث أربعين سنة تقريبا ، فقوله تعالى (الر) من هذه الحروف المقطعة تألفّت آيات القرآن الكريم ، فأشار إليها بقوله (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) أي المبيّن للحق المظهر له ولكل ما الناس في حاجة إليه مما يصلح دينهم ودنياهم. وقوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) أي القرآن (قُرْآناً عَرَبِيًّا) (٢) أي بلسان العرب ليفهموه ويعقلوا معانيه فيهتدوا عليه فيكملوا ويسعدوا. وقوله (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٣) أي ليمكنكم فهمه ومعرفة ما جاء فيه من الهدى والنور. وقوله تعالى (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ) يا رسول الله (أَحْسَنَ الْقَصَصِ) (٤) أي أصحه وأصدقه وأنفعه وأجمله (بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ) أي بواسطة إيحائنا إليك هذا القرآن ، (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ) أي من قبل إيحائه إليك (لَمِنَ الْغافِلِينَ) عنه لا تذكره ولا تعلمه.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير اعجاز القرآن إذ هو مؤلف من مثل ألر ، وطس ، وق ، ومع هذا لم يستطع العرب أن يأتوا بسورة مثله.
٢ ـ بيان الحكمة في نزول القرآن باللغة العربية وهي أن يعقله العرب ليبلغوه إلى غيرهم.
__________________
(١) روى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما : قالوا يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لو قصصت علينا فنزلت : نحن نقص عليك أحسن القصص الآية.
(٢) (قُرْآناً عَرَبِيًّا) حال من الضمير في أنزلناه وعربيا صفة له فلم يكن على نهج الاشعار ـ والقصص التي تقص وإنما هو كتاب منظم يقرأ ويحفظ ويعلم ما فيه ويعمل به لسعادة الدارين.
(٣) أي جعلناه قرآنا عربيا بلغتكم التي تتخاطبون بها وتفهمون أساليبها الكلامية ومعانيها الإفرادية والتركيبية رجاء أن تتمكنوا من فهمه ومعرفة ما يدعو إليه من الحق والصراط المستقيم.
(٤) القصص منقول من قص الأثر إذا تتبع آثار الأقدم ليعرف منتهى سير صاحبها فالقصص تتبع الأخبار للمعرفة والعظة والاعتبار.