حَسِبْتُمْ (١) أَنْ تُتْرَكُوا) أي بدون امتحان. وأنتم خليط منكم المؤمن الصادق ومنكم المنافق الكاذب ، من جملة ما كان يوحى به المنافقون التثبيط عن القتال بحجة ان مكة فتحت وأن الإسلام عز فما هناك حاجة الى مطاردة فلول المشركين ، وهم يعلمون أن تكتلات يقودها الساخطون على الإسلام حتى من رجالات قريش يريدون الانقضاض على المسلمين وإهدار كل نصر تحقق لهم ، وهذا المعنى ظاهر من سياق الآية (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً) (٢) إذ هناك من اتخذوا من دون الله ورسوله والمؤمنين وليجة يطلعونها على أمور المسلمين ، ويسترون عليهم وهي بينهم دخلية ، ويقرر هذه الجملة التي ختمت بها الآية وهي قوله تعالى (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ).
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ مشروعية استعمال أسلوب التهييج والإثارة للجهاد.
٢ ـ وجوب خشية الله تعالى بطاعته وترك معصيته.
٣ ـ لازم الإيمان الشجاعة فمن ضعفت شجاعته ضعف إيمانه.
٤ ـ من ثمرات القتال دخول الناس في دين الله تعالى.
٥ ـ الجهاد عملية تصفية وتطهير لصفوف المؤمنين وقلوبهم أيضا.
(ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خالِدُونَ (١٧)
__________________
(١) (أَمْ حَسِبْتُمْ) أم : هي المنقطعة بمعنى بل إضرابا عما سبق من الكلام وانتقالا إلى آخر ، والاستفهام للإنكار ، والحسبان بمعنى الظن والمعنى كيف تظنون أنكم تتركون بعد فتح مكة دون جهاد لأعداء الله ورسوله ، وهم ما زالوا يتآمرون ويتجمعون لقتالكم.
(٢) الوليجة : البطانة من الولوج في الشيء وهو الدخول فيه ، والمراد من هذا الرجل يتخذ من أعداء الإسلام صديقا يدخل عليه ويدخله عليه فيطلعه على أسرار المسلمين للنكاية بهم والتسلط عليهم لإضرارهم وإفسادهم وهلاكهم.