إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

أيسر التفاسير لكلام العليّ الكبير [ ج ٢ ]

أيسر التفاسير لكلام العليّ الكبير

أيسر التفاسير لكلام العليّ الكبير [ ج ٢ ]

تحمیل

أيسر التفاسير لكلام العليّ الكبير [ ج ٢ ]

183/657
*

فقال : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً) (١) أي تذللا وخشوعا (وَخُفْيَةً) (٢) أي سرا لا جهرا ، ونهاهم عن الاعتداء في الدعاء حيث أعلمهم أنه لا يحب المعتدين ، والاعتداء في الدعاء أن يدعى غير الله تعالى أو يدعى معه غيره ، ومنه طلب ذوات الأسباب بدون إعداد أسبابها ، أو سؤال ما لم تجر سنة الله به كسؤال المرء أن يكون نبيا أو يرد من كهولته إلى شبابه أو من شبابه إلى طفولته.

ثم بعد هذا الإرشاد والتوجيه إلى ما يكملهم ويسعدهم نهاهم عن الفساد في الأرض بعد أن أصلحها تعالى والفساد في الأرض يكون بالشرك والمعاصي ، والمعاصي تشمل سائر المحرمات كقتل الناس وغصب أموالهم وإفساد زروعهم وإفساد عقولهم بالسحر والمخدرات وأعراضهم بالزنى والموبقات. ومرة أخرى يحضهم على دعائه لأن الدعاء هو العبادة وفي الحديث الصحيح «الدعاء هو العبادة» فقال : ادعوا ربكم أي سلوه حاجاتكم حال كونكم في دعائكم خائفين من عقابه طامعين راجين رحمته وبين لهم أن رحمته قريب (٣) من المحسنين الذين يحسنون نيّاتهم وأعمالهم ومن ذلك الدعاء فمن أحسن الدعاء ظفر بالإجابة ، فثواب المحسنين قريب الحصول بخلاف المسيئين فإنه لا يستجاب لهم.

هداية الآيتين

من هداية الآيتين :

١ ـ وجوب دعاء الله تعالى فإن الدعاء هو العبادة.

٢ ـ بيان آداب الدعاء وهو : أن يكون الداعي ضارعا متذللا ، وأن يخفي دعاءه فلا يجهر به ، وأن يكون حال الدعاء خائفا طامعا ، (٤) وأن لا يعتدي في الدعاء بدعاء غير الله تعالى أو سؤال ما لم تجر سنة الله بإعطائه.

٣ ـ حرمة الإفساد في الأرض بالشرك والمعاصي بعد أن أصلحها الله تعالى بالإسلام.

٤ ـ الترغيب في الإحسان مطلقا خاصا وعاما حيث أن الله تعالى يحب أهله.

__________________

(١) اختلف في رفع اليدين في الدعاء والأكثرون على استحبابه لفعله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٢) روي أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : (خير الذكر الخفي وخير الرزق ما يكفي).

(٣) عدم تأنيث قريب مع أنه خبر عن مؤنث ، تكلم فيه كثيرا وأحسن ما قيل في مثله أن لفظ قريب وبعيد إذا أطلق على النسب تعيّن التذكير والتأنيث بحسب المخبر عنه نحو : زيد قريب عمر ، وعائشة قريبة بكر مثلا ، وما كان لغير النسب جاز تذكيره وتأنيثه قال تعالى : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) وقال : (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) فذكّر في الموضعين مع أنّ الوصف عائد على مؤنث.

(٤) ويصح نصب خوفا. وطمعا مفعولين لأجله أي ادعوه لأجل الخوف منه والطمع فيه ، ونصبهما على الحال كما في التفسير حسن أيضا.