(الْفَضْلِ) : ما كان من الخير غير محتاج إليه صاحبه ، والله عزوجل هو صاحب الفضل إذ كل ما يمن به ويعطيه عباده من الخير هو في غنى عنه ولا حاجة به إليه أبدا.
معنى الآيتين :
أما الآية الأولى (١٠٤) فقد أمر الله تعالى المؤمنين أن يراعوا (١) الأدب في مخاطبة نبيّهم صلىاللهعليهوسلم تجنبا للكلمات المشبوهة ككلمة راعنا ، إذ قد تكون من الرعونة ، ولما تدل عليه صيغة المفاعلة إذ كأنهم يقولون راعنا نراعك ، وهذا لا يليق أن يخاطب به الرسول صلىاللهعليهوسلم.
وأرشدهم تعالى إلى كلمة سليمة من كل شبهة تنافي الأدب وهي انظرنا (٢) ، وأمرهم أن يسمعوا لنبيّهم إذا خاطبهم حتى لا يضطروا إلى مراجعته ؛ إذ الاستهزاء بالرسول والسخرية منه ومخاطبته بما يفهم الاستخفاف بحقه وعلوّ شأنه وعظيم منزلته كفر بواح.
وفي الآية الثانية (١٠٥) أخبر تعالى عباده المؤمنين بأن الكافرين من أهل الكتاب ومن غيرهم من المشركين الوثنيين لا يحبون أن ينزل عليكم من خير من ربكم وسواء كان قرآنا يحمل أسمى الآداب وأعظم الشرائع وأهدى سبل السعادة والكمال ، أو كان غير ذلك من سائر أنواع الخيرات ، وذلك حسدا منهم للمؤمنين كما أخبرهم أنه تعالى يختص برحمته من يشاء من عباده فحسد الكافرين لكم لا يمنع فضل الله عليكم ورحمته بكم متى أرادكم بذلك.
هداية الآيتين :
من هداية الآيتين :
١ ـ وجوب التأدب مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في مخاطبته بعدم استعمال أي لفظة قد تفهم غير الإجلال والإكبار له صلىاللهعليهوسلم.
٢ ـ وجوب السماع لرسول الله بامتثال أمره واجتناب نهيه ، وعند مخاطبته لمن أكرمهم الله تعالى بمعايشته والوجود معه.
__________________
(١) سبب نزول هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ ...) الخ أن اليهود استغلوا كلمة راعنا وصاروا يقولونها لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وهم ينوون بها سبّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لوجود كلمة في العبرية مثلها ومعناه السبّ والشتم كالرعونة فأنزل الله هذه الآية أرشد فيها المسلمين إلى ترك كلمة راعنا وابدالها بانظرنا : فانقطع الطريق عن اليهود لعنهم الله.
(٢) معنى انظرنا : هو معنى راعنا ولكن لما استعملها اليهود وصاروا ينوون بها سب النبي صلىاللهعليهوسلم لأنها عندهم من الرعونة لذلك أرشد الله المسلمين إلى كلمة انظر.