القربى واليتامى والمساكين وأن يقولوا للناس الحسن من القول ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، وندّد بصنيعهم حيث نقض هذا العهد والميثاق أكثرهم ولم يفوا به وفي الآية الثانية (٨٤) ذكرهم بميثاق خاص أخذه عليهم في التوراة أيضا وهو الإسرائيلي لا يقتل الإسرائيلي ولا يخرجه من داره بغيا وعدوانا عليه ، وإذا وقع في الأسر وجب فكاكه بكل وسيلة ولا يجوز تركه أسيرا بحال ، أخذ عليهم بهذا ميثاقا غليظا وأقروا به وشهدوا عليه وفي الآية الثالثة (٨٥) وبّخهم على عدم وفائهم بما التزموا به حيث صار اليهودي يقتل (١) اليهودي ويخرجه من داره بغيا وعدوانا عليه. وفي نفس الوقت إن أتاهم يهودي أسيرا (٢) فدوه بالغالي والرخيص ، فندد الله تعالى بصنيعهم هذا الذي هو إهمال واجب وقيام بآخر تبعا لأهوائهم فكانوا كمن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض ومن هنا توعدهم بخزي الدنيا وعذاب الآخرة. وفي الآية الرابعة (٨٦) أخبر أنهم بصنيعهم ذلك اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فكان جزاؤهم عذاب الآخرة حيث لا يخفف عنهم ولا ينصرون فيه بدفعه عنهم.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ مشروعية تذكير الناس ووعظهم بما يكون سببا لهدايتهم.
٢ ـ وجوب عبادة الله وتوحيده فيها.
٣ ـ وجوب الإحسان إلى الوالدين ولذوي القربى واليتامى (٣) والمساكين.
٤ ـ وجوب معاملة الناس بحسن (٤) الأدب.
__________________
(١) حصل لهم هذا بالمدينة النبوية وذلك أن سكان المدينة كانوا يتألفون من قبيلتين الأوس والخزرج ، وقبائل اليهود الثلاث ، وكانت الحروب تندلع بينهم لأتفه الأسباب وكان بنو قينقاع وبنو النضير حلفا للخزرج وبنو قريضة حلفا للأوس ، فإذا اندلعت الحرب بين الأوس والخزرج قاتل اليهود مع حلفائهم وبذلك يقتل اليهودي أخاه ويسفك دمه وإذا انتهت الحرب فادوا أسراهم طاعة لله تعالى إذ أوجب ذلك عليهم.
(٢) الأسر : مأخوذ من الاسار وهو القدّ الذي يشدّ به المحمل فيسمى أخيذ الحرب أسيرا ، لأنّه يشد وثاقه ، وجمعه أسرى وأسارى كسكرى وسكارى ، ثم سمي كل أخيذ في الحرب أسيرا.
(٣) روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة» وأشار الراوي بالسبابة والوسطى أي : من أصابعه كما روي أيضا عن أبي هريرة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله».
(٤) بأن يكون اللفظ طيبا والوجه منبسطا.