معنى الآيتين :
يذكّر الله تعالى اليهود المعاصرين لنزول القرآن بالمدينة النبوية بأياديه في أسلافهم وأيامه عزوجل فيهم وفي الآية الأولى رقم (٦٠) ذكرهم بأنهم لما عطشوا في التيه استسقى (١) موسى ربه فسقاهم بأمر خارق للعادة ليكون لهم ذلك آية ليلزموا الايمان والطاعة وهو أن يضرب موسى عليهالسلام بعصاه الحجر (٢) فيتفجر الماء منه من اثنى عشر موضعا كل موضع يمثل عينا يشرب منها سبط (٣) من أسباطهم الاثنى عشر حتى لا يتزاحموا فيتضرروا أكرمهم الله بهذه النعمة ، ونهاهم عن الفساد في الأرض بارتكاب المعاصي.
وفي الآية الثانية (٦١) ذكرهم بسوء أخلاق كانت في سلفهم منها عدم الصبر ، والتعنت وسوء التدبير والجهالة بالخير ، والرعونة وغيرها. وهذا ظاهر في قولهم يا موسى بدل يا نبى الله او رسول الله لن نصبر على طعام واحد. وقولهم أدع لنا ربك بدل ادع الله تعالى لنا أو ادع لنا ربنا عزوجل. وفي مللهم اللحم والعسل وطلبهم الفوم والبصل بدلا عنهما وفي قول موسى عليهالسلام أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير (٤) ما يقرر ذلك كما ذكرهم بالعاقبة المرة التي كانت لهم نتيجة كفرهم بآيات الله وقتلهم الانبياء ، واعتدائهم وعصيانهم ، وهى أن ضرب (٥) الله تعالى عليهم الذلة والمسكنة وغضب عليهم.
كل هذا وغيره مما ذكّر الله تعالى اليهود به في كتابه من أجل أن يذكروا فيتعظوا ويشكروا فيؤمنوا بنبيه محمد صلىاللهعليهوسلم ويدخلوا في دينه فيكملوا ويسعدوا بعد ان ينجوا مما حاق بهم من الذلة والمسكنة والغضب في الدنيا ، ومن عذاب النار يوم القيامة.
هداية الآيتين :
من هداية الآيتين :
١ ـ استحسان الوعظ والتذكير بنعم الله تعالى ونقمه في الناس.
__________________
(١) في الآية مشروعية الاستسقاء وهو سنّة مؤكدة في الإسلام ، فقد استسقى النبي صلىاللهعليهوسلم وسقى الله الأمة بدعائه غير مرّة.
(٢) انفجار الماء من الحجر معجزة عظيمة ، وانفجار الماء من بين أصابع النبي محمد صلىاللهعليهوسلم معجزة أعظم لأن انفجار الماء من الأحجار معهود معروف ولكن من أصابع هي لحم ودم غير معهود قط.
(٣) السبط في بني اسرائيل كالقبيلة عند العرب.
(٤) في قوله (أَتَسْتَبْدِلُونَ) الخ انكار عليهم وتوبيخ لهم.
(٥) إحاطة الذل والمسكنة بهم ذكر في آية آل عمران مقيدا بما لم يكن لهم حبل من الله وهو الدخول في الإسلام ، وحبل من الناس وهو حماية دولة قوية لهم كبريطانيا أولا وأمريكا ثانيا