وعدم الخروج عنه. هذا ما دلت عليه الآيات (٦٦ ـ ٦٧ ـ ٦٨).
أما الآية (٦٩) وهي قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ) (١) (وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) فقد روى ابن جرير في تفسيره أنها نزلت حين قال بعض (٢) الصحابة يا رسول الله ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا فإنك إذا فارقتنا رفعت فوقنا فلم نرك فأنزل الله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ) الآية. وما أنعم الله تعالى عليه هو الإيمان بالله تعالى ومعرفته عزوجل ومعرفة محابه ومساخطه والتوفيق لفعل المحاب وترك المساخط هذا في الدنيا ، وأما ما أنعم به عليهم في الآخرة فهو الجوار الكريم في دار النعيم. والصديقين هم الذين آمنوا بالله ورسوله وصدقوا بكل ما جاء به رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأخبر به والشهداء جمع شهيد وهو من قتل في سبيل الله والصالحون جمع صالح وهو من أدى حقوق الله تعالى وحقوق عباده كاملة غير منقوصة وقوله تعالى : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (٣) يريد وحسن أولئك رفقاء في الجنة يستمتعون برؤيتهم والحضور في مجالسهم ، لأنهم ينزلون إليهم ، ثم يعودون إلى منازلهم العالية ودرجاتهم الرفيعة. وقوله تعالى : (ذلِكَ (٤) الْفَضْلُ مِنَ اللهِ) يريد أن ذلك الالتقاء مع من ذكر تم لهم بفضل الله تعالى ، لا بطاعتهم. وقوله (وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً) أي بأهل طاعته وأهل معصيته وبطاعة المطيعين ومعصية العاصين ، ولذلك يتم الجزاء عادلا رحيما.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ قد يكلف الله تعالى بالشاق للامتحان والابتلاء كقتل النفس والهجرة من البلد ولكن لا يكلف بما لا يطاق.
٢ ـ الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعصيات.
__________________
(١) في هذه الآية إشارة أصرح من عبارة على خلافة أبي بكر لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إذ ذكر تعالى الأنبياء ثم ثنى بالصديقين ، وقد أجمع المسلمون على تسمية أبي بكر بالصديق كما أجمعوا على تسمية محمد صلىاللهعليهوسلم بالنبي ، فدلّ على تعيين خلافة أبي بكر إذا لم يقدّم عليه أحد في الذكر سوى الأنبياء.
(٢) من بين القائلين ثوبان مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعبد الله بن زيد بن عبد ربّه الذي أري الأذان في المنام.
(٣) روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ما من نبيّ يمرض إلّا خير بين الدنيا والآخرة» ولما كان في مرضه الذي قبض فيه أخذته بحة شديدة فسمعته يقول : «مع الذين أنعم الله عليهم» الآية فعلمت أنّه خيّر وكان يقول : «اللهم الرفيق الأعلى» وهو يعاني سكرات الموت فصلىاللهعليهوسلم.
(٤) في قوله تعالى : (ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ) ردّ على المعتزلة إذ قالوا : إنما ينال العبد ما يناله بعمله ، والله قد ردّ ذلك الإكرام والإنعام لفضله وهو كذلك عقلا وشرعا ويلزم اعتقادا.