قوله تعالى (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ) الآية نزلت في الرجلين اللّذين أرادا التحاكم إلى كعب بن الأشرف اليهودي وإعراضهما عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاشترط توبتهما إتيانهما لرسول الله صلىاللهعليهوسلم واستغفارهما الله تعالى ، واستغفار الرسول لهما ، وبذلك تقبل توبتهما ، وإلا فلا توبة لهما أما من عداهما فتوبته لا تتوقف على إتيانه لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ولا لاستغفاره له وهذا محل إجماع بين المسلمين.
٣ ـ كل ذنب كبر أو صغر يعتبر ظلما للنفس وتجب التوبة منه بالاستغفار والندم والعزم على عدم مراجعته بحال من الأحوال.
٤ ـ وجوب التحاكم إلى الكتاب والسنة وحرمة التحاكم إلى غيرهما.
٥ ـ وجوب الرضا (١) بحكم الله ورسوله والتسليم به.
(وَلَوْ (٢) أَنَّا كَتَبْنا (٣) عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً (٦٦) وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً (٦٧) وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٦٨) وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ (٤) أُولئِكَ رَفِيقاً (٦٩) ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً (٧٠))
__________________
(١) قضى أهل العلم أنّ السيل إذا كان بسبب مطر فإنّ الأعلى يقدّم على الأسفل ، فيسقى من وصل إليه السيل حتى يبلغ الماء الكعبين في أرضه ثم يرسل السيل كلّه إلى من تحته فيسقي ثم يرسل إلى من تحته وهكذا وهو قول المالكية مأخوذ من حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم في قضية الزبير والانصاري وهو الحق.
(٢) لو : حرف امتناع لامتناع أي امتناع شىء لامتناع غيره ، إذ امتنع القتل لامتناع الكتب به.
(٣) روي أنه لما نزلت هذه الآية : (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا) .. قال أبو بكر الصديق : لو أمرنا لفعلنا فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «إنّ من أمتى رجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرّواسي».
(٤) (حسن) مضمّن معنى التعجب فهو كنعم للمدح ، أي مدح الحسن فيهم ، وأولئك : فاعله ، ورفيقا : منصوب على التمييز.