حسب رواية الترمذي أقام مأدبة لبعض الأصحاب فأكلوا وشربوا وحضرت الصلاة فقاموا لها وتقدم أحدهم يصلي بهم فقرأ بسورة الكافرون وكان ثملان فقرأ : قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون ، وهذا باطل وواصل قراءته بحذف حروف النفي فنزلت (يا أَيُّهَا الَّذِينَ (١) آمَنُوا .......) أي يا من صدقتم بالله ورسوله ، (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ) أي لا تدخلوا فيها ، والحال أنكم سكارى من الخمر إذ كانت يومئذ حلالا غير حرام ، حتى تكون عقولكم تامة تميزون بها الخطأ من الصواب فتعلموا ما تقولون في صلاتكم. ولا تقربوا مساجد الصلاة للجلوس فيها وأنتم جنب حتى تغتسلوا اللهم إلا من كان منكم عابر سبيل ، إذ كانت طرق بعضهم إلى منازلهم على المسجد النبوي. (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) بجراحات يضرها الماء أو مرضى مرضا لا تقدرون معه على استعمال الماء للوضوء أو الغسل ، أو كنتم (عَلى (٢) سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) بمضاجعتهن أو مسستموهن بقصد الشهوة (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) تغتسلون به إن كنتم جنبا أو تتوضأون به إن كنتم محدثين حدثا أصغر (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) أي اقصدوا ترابا طاهرا (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) مرة واحدة فإن ذلك مجزيء لكم عن الغسل والوضوء فإن صح المريض أو وجد الماء فاغتسلوا أو توضأوا ولا تيمموا لا نتفاء الرخصة بزوال المرض أو وجود الماء. وقوله تعالى في ختام الآية (إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً) يخبر تعالى عن كماله المطلق فيصف نفسه بالعفو عن عباده المؤمنين إذا خالفوا أمره ، وبالمغفرة لذنوبهم إذا هم تابوا إليه ، ولذا هو عزوجل لم يؤاخذهم لما صلّوا وهم سكارى لم يعرفوا ما يقولون ، وغفر لهم وأنزل هذا القرآن تعليما لهم وهداية لهم.
هداية الآية الكريمة :
من هداية الآية الكريمة :
١ ـ تقرير مبدأ النسخ للأحكام الشرعية في القرآن والسنة.
٢ ـ حرمة مكث (٣) الجنب في المسجد ، وجواز العبور والاجتياز بدون مكث.
__________________
(١) روى أبو داود في سننه أنه لما نزلت آية البقرة : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) قال عمر : اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا ، ولما نزلت هذه الآية من النساء قال : اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا ، ولما نزلت آية المائدة (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) قال : انتهينا يا ربّنا.
(٢) هل السفر مبيح للتيمم وإن وجد الماء؟ الجواب : لا ، وإنما ذكر السفر لأن الغالب فيه أن لا يوجد ماء ، أمّا الحضر فالماء فيه قلّما ينقطع ولا يوجد.
(٣) يحرم قراءة القرآن على الجنب لحديث ابن ماجه وغير لا يقرأ الجنب والحائض شيئا من القرآن» وحديث الدار قطني «كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يحجبه عن قراءة القرآن شيء إلّا أن يكون جنبا».