صلىاللهعليهوسلم وصفاته الدالة عليه في التوراة والإنجيل ، وبخلوا بأموالهم وأمروا بالبخل بها ، إذ كانوا يقولون للأنصار لا تنفقوا أموالكم على محمد فإنا نخشى عليكم الفقر ، وخبر الموصول الذين محذوف تقديره هم الكافرون حقا دلّ عليه قوله : (وَأَعْتَدْنا (١) لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً). هذا ما جاء في هذه الآية الثانية.
أما الآيتان الثالثة (٣٨) والرابعة (٣٩) فإن الأولى منهما قد تضمنت بيان حال أناس آخرين غير اليهود وهم المنافقون فقال تعالى : (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ) أي مراءاة لهم ليتقوا بذلك المذمة ويحصلوا على المحمدة. (وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ). لأنهم كفار مشركون وإنما أظهروا الإسلام تقية فقط ولذا كان إنفاقهم رياء لا غير. وقوله : (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً) أي بئس القرين له الشيطان وهذه الجملة : (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ ...) دالة على خبر الموصول المحذوف اكتفى بها عن ذكره كما في الموصول الأول وقد يقدر بمثل : الشيطان (٢) قرينهم هو الذي زين لهم الكفر بالله واليوم الآخر.
هذا ما تضمنته الآية الثانية (٣٩) وهي قوله تعالى (وَما ذا عَلَيْهِمْ (٣) لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللهُ؟؟) فقد تضمنت الإنكار والتوبيخ لأولئك المنافقين الذين ينفقون رياء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر بسبب فتنة الشيطان لهم وملازمته إياهم ، فقال تعالى (وَما ذا عَلَيْهِمْ) أي أي شيء يضرهم أو أي أذى يلحقهم في العاجل أو الآجل ، لو صدقوا الله ورسوله وانفقوا في سبيل الله مما رزقهم الله ، وفي الخطاب دعوة ربانية لهم لتصحيح إيمانهم واستقامتهم بالخروج من دائرة النفاق التي أوقعهم فيها القرين عليه لعائن الله ، فلذا لم يذكر تعالى وعيدا لهم ، وإنما قال (وَكانَ اللهُ بِهِمْ عَلِيماً ،) وفي هذه تخويف لهم من سوء حالهم إذا استمروا على نفاقهم فإن علم الله بهم يستوجب الضرب على أيديهم إن لم يتوبوا.
__________________
(١) أصل (أَعْتَدْنا) : أعددنا ، أبدلت الدال الأولى تاء لثقل الدالين عند فك الإدغام ، أمّا مع الإدغام فلا ابدال نحو : أعدّ ، ومنه العتاد الحربي : وهو عدّة السّلاح.
(٢) أو فقرينهم الشيطان.
(٣) ماذا : اسم استفهام بمعنى : أي شيء ، ويجوز أن تكون ما : مبتدأ ، وذا خبره. وهو بمعنى : الذي.