(ما لا يُبْدُونَ لَكَ) : أي مالا يظهرون لك.
(لَبَرَزَ الَّذِينَ) : لخرجوا من المدينة ظاهرين ليلقوا مصارعهم هناك.
(كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ) : يريد كتب في كتاب المقادير أي اللوح المحفوظ.
(مَضاجِعِهِمْ) : جمع مضجع وهو مكان النوم والاضطجاع والمراد المكان الذي صرعوا فيه قتلى.
(لِيَبْتَلِيَ) (١) : ليختبر.
(وَلِيُمَحِّصَ) : التمحيص : التمييز وهو إظهار شيء من شيء كإظهار الإيمان من النفاق ، والحب من الكره.
(اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ) : أوقعهم في الزلل وهو الخطيئة والتي كانت الفرار من الجهاد.
معنى الآيتين :
ما زال السياق في الحديث عن غزوة أحد فأخبر تعالى في الآية الأولى (١٥٤) عن أمور عظام الأول أنه تعالى بعد الغم الذى أصاب به المؤمنين أنزل على أهل اليقين خاصة أمنا كاملا فذهب الخوف عنهم حتى أن أحدهم (٢) لينام والسيف في يده فيسقط من يده ثم يتناوله قال تعالى : (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ) والثانى ان أهل الشك والنفاق حرمهم الله تعالى من تلك الأمنة فما زال الخوف يقطع قلوبهم والغم يسيطر على نفوسهم وهم لا يفكرون إلا في أنفسهم كيف ينجون من الموت وهم المعنيون بقوله تعالى : (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ (٣) أَنْفُسُهُمْ) والثالث ان الله تعالى قد كشف عن سرائرهم فقال يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية ، والمراد من ظنهم بالله غير الحق ظن المشركين أنهم يعتقدون أن الاسلام باطل وأن محمدا ليس رسولا ، وان المؤمنين سينهزمون ويموتون وينتهى الاسلام ومن يدعو إليه. والرابع أن الله تعالى قد كشف سرهم فقال عنهم : (يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ (٤) شَيْءٍ) هذا القول قالوه سرا فيما بينهم ، ومعناه ليس لنا من الأمر من شيء
__________________
(١) أي ليعاملهم معاملة المختبر لهم وليصبح ما كان غيبا لله مشاهدة لهم.
(٢) قال أبو طلحة والزبير وأنس غشينا النعاس حتى إن السيف ليسقط من يد أحدنا فيتناوله من الأرض.
(٣) حدثتهم أنفسهم بما يدخل الهمّ عليهم وهو تكذيبهم بالقدر ، والحرص على نجاتهم وحزنهم على ما فاتهم من الغنيمة وهذه كلها موجبات الهمّ والغمّ.
(٤) هذه الجملة بدل اشتمال من جملة : (يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِ) لأنّ ظنهم مشتمل على قولهم : (هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ) أي ليس لنا من الأمر من شيء. وهذا القول قاله ابن أبيّ لما سمع باستشهاد من استشهد من الخزرج.