الخبيث وعجّل الله بروحه إلى النّار. وهو عليّ بن محمد المدّعي أنّه علويّ ، وقيل : اسمه بهبوذ. قد ذكرنا وقائعه مع الموفّق وحصاره الزّمن الطّويل له ، إلى أن اجتمع مع الموفّق زهاء ثلاثمائة ألف مقاتل مطوّعة وفي الدّيوان.
فلمّا كان في ثاني صفر ، وقد التجأ الخبيث إلى جبل ثمّ تراجع هو وأصحابه إلى مدينتهم خفية ، وجاءت مقدّمات الموفّق ، فلمّا وصلوا إلى المدينة لم يدروا أنّهم قد رجعوا إليها ، فأوقعوا بهم ، فانهزم الخبيث وأصحابه ، وتبعهم أصحاب الموفّق يأسرون ويقتلون ، وانقطع الخبيث في جماعة من قوّاده وفرسانه ، وفارقه ابنه انكلائي ، وسليمان بن جامع ، فظفر أبو العبّاس بن الموفّق بابن جامع ، فكبّر النّاس لمّا أتى به إلى أبيه.
ثمّ شدّ الخبيث وأصحابه ، فأزال النّاس عن مواقفهم ، فحمل عليه الموفّق فانهزموا وتبعهم إلى آخر نهر أبي الخصيب ، فبينا القتال يعمل إذ أتى فارس من أصحاب لؤلؤ إلى الموفّق برأس الخبيث في يده ، فلم يصدّقه فعرضه على جماعة فعرفوه. فترجل الموفّق وابنه والأمراء وخرّوا سجّدا لله ، وكبّروا وحمدوا الله تعالى.
وقيل : إنّ أصحاب الموفّق لمّا أحاطوا به لم يبق معه إلّا المهلّبيّ ، ثمّ ولّى وتركه ، فقذف نفسه في النّهر فقتلوه. وسار أبو العبّاس ومعه رأس الخبيث على رمح فدخل به بغداد ، وعملت قباب الزّينة ، وضجّ النّاس بالدّعاء للموفّق وولده. وكان يوما مشهودا. وأمن النّاس وتراجعوا إلى المدن الّتي أخذها الخبيث.
وكان ظهوره من سنة خمس وخمسين (١).
قال الصّوليّ إنّه قتل من المسلمين ألف ألف وخمسمائة ألف آدميّ (٢) ، وقتل في يوم واحد بالبصرة ثلاثمائة ألف (٣).
وكان له منبر في مدينته يصعد عليه ويسبّ عثمان وعليّ ومعاوية وطلحة والزّبير وعائشة ، وهو رأي الأزارقة.
__________________
(١) وقيل من سنة أربع وخمسين ومائتين. (العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ١١٢).
(٢) وقيل : إن عدد القتلى في تلك الوقائع كان ألفي ألف وخمسمائة ألف إنسان. (الفخري ٢٥١) ، دول الإسلام ١ / ١٦٤ ، تاريخ الخلفاء ٣٦٤.
(٣) دول الإسلام ١ / ١٦٤ ، تاريخ الخلفاء ٣٦٤.