في مصر كان أوّل طلبه عند محمد بن عيسى الأعشى ، ثمّ رحل وروى عن أهل الحرمين ، ومصر ، والشّام ، والجزيرة ، وحلوان ، والبصرة ، والكوفة ، وواسط ، وبغداد ، وخراسان ـ كذا قال فغلط ، لم يصل إلى خراسان ـ قال : وعدن ، والقيروان.
قلت : وما أحسبه دخل اليمن.
قال : وذكر عبد الرحمن بن أحمد ، عن أبيه ، أنّ امرأة جاءت إلى بقيّ فقالت : ابني في الأسر ، ولا حيلة لي ، فلو أشرت إلى من يفديه ، فإنّي والهة.
قال : نعم ، انصرفي حتّى انظر في أمره.
ثمّ أطرق وحرّك شفته. ثمّ بعد مدّة جاءت المرأة بابنها ، فقال : كنت في يد ملك ، فبينا أنا في العمل سقط قيدي. فذكر اليوم والسّاعة ، فوافق وقت دعاء الشيخ.
قال : فصاح عليّ المرسّم بنا ، ثم نظر وتحيّر ، ثمّ أحضر الحدّاد وقيّدني ، فلمّا فرغ ومشيت سقط. فبهتوا ودعوا رهبانهم. فقالوا : لك والدة؟
قلت : نعم.
قالوا : وافق دعاؤها الإجابة ، وقد أطاعك الله ، فلا يمكننا تقييدك.
فزوّدوني وبعثوني (١).
قال : وكان بقيّ أوّل من كثّر الحديث بالأندلس ونشره ، وهاجم به شيوخ الأندلس. فثاروا عليه لأنّهم كان علمهم المسائل ومذهب مالك. وكان بقيّ يفتي بالأثر ، ويشذّ عنهم شذوذا عظيما. فعقدوا عليه الشّهادات وبدّعوه ، ونسبوا إليه الزّندقة وأشياء نزّهه الله منها.
وكان بقيّ يقول : لقد غرست لهم بالأندلس غرسا لا يقع إلّا بخروج الدّجّال.
قال : وقال بقيّ : أتيت العراق ، وقد منع أحمد بن حنبل من الحديث ،
__________________
(١) معجم الأدباء ٧ / ٨٤ ، ٨٥ ، تاريخ دمشق ١٠ / ٢٨١ ، ٢٨٢ ، جذوة المقتبس ١٦٧.