فقال لي : يا أبا العبّاس اكتب له يتسبّب (١) إجارة ضيعته السّاعة.
وأمر الصّيرفيّ أن يدفع له خمسمائة دينار.
ويروى أنّ إسماعيل بن بلبل كان جالسا وعليه درّاعة منسوجة بماء الذّهب لها قيمة ، وبين يديه غلام ، ومعه دواة. فطلب منه مدّة ، فنقط الغلام على الدّرّاعة من الهديّة. فجزع ، فقال : يا غلام لا تجزع ، فإن هذه إلّا عن ابن الهدى. وأنشد يقول :
إذا ما المسك طيّب ريح قوم |
|
كفاني ذاك رائحة المداد |
فما شيء بأحسن من ثياب |
|
على حافاتها حمم السّواد |
وقال أبو عليّ التّنوخيّ : حدّثني أبو الحسين بن عيّاش : أخبرني من أثق به أنّ إسماعيل بن بلبل لمّا قصده صاعد بن حزم ، وكان له حمل قد قارب الوضع ، فقال : اطلبوا منجّما. فأخذ بمولده ، فأتي به ، فقال له بعض من حضر : ما يصنع بالنّجوم؟ هاهنا أعرابيّ عائق ليس في الدّنيا أحذق منه.
فقال : يحضر ما سمّاه الرجل. فطلب ، فلمّا دخل له إسماعيل : أتدري لم طلبتك؟
قال : نعم. وأدار عينه في الدّار ، فقال : يسألني عن حمل.
فعجب منه ، وقال : فما هو؟
فأدار عينه وقال : ذكر.
فقال للمنجّم : ما يقول؟ قال : هذا جهل.
قال : فبينا نحن كذلك إذ طار زنبور على رأس إسماعيل وغلام يذبّ عنه ، فقتله. فقال الأعرابيّ : قتل والله المزنّر وولّيت مكانه. ولي حقّ البشارة. وجعل يرقص. فنحن كذلك ، إذ وقعت الضّجّة بخبر الولادة ، وإذا هو ذكر. فسرّ إسماعيل بذلك ، ووهب للأعرابيّ شيئا. فما مضى عليه إلّا دون شهر ، حتّى استدعاه الموفّق ، وقلّده الوزارة ، وسلّم إليه صاعدا. فكان يعذّبه إلى أن قتله.
__________________
(١) في سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٠١ : «بتسييب».