رطل حلواء. ولم يزل على وزارته إلى أن ولي العهد أحمد بن الموفّق ، فقبض عليه وقيّده ، وعذّبه حتّى هلك في صفر سنة ثمان وسبعين.
وقال عبد الله بن أحمد بن أبي طاهر : وقع اختيار الموفّق لوزارته على أبي الصّقر ، فاستوزر منه رجلا قلّ ما جلس مجلسه كفاية للمهمّ ، واستقلالا بالأمور ، وإمضاء للتدبير ، فيما قلّ وجلّ في أصحّ سبله وأعودها بالنّفع في عواقبه ، وأحوطها لأعمال السلطان ورعيّته ، وأوقعها بطاعة. مع رفعة قدر للأدب وأهله ، وتجديده. ما درس في أحوالهم قبله ، وبذله لهم كريم ماله ، مع شجاعة نفسه ، وعلوّ همّته ، وصغر مقدار الدّنيا عنده ، إلّا ما قدّمه لمعاده ، مع سعة علمه وكظمه ، وإفضاله على من أراد تلف نفسه.
قال أبو عليّ التّنوخيّ : نا أبو الحسين عبد الله بن أحمد : نا سليمان بن الحسن أبو القاسم قال : قال أبو العبّاس بن الفرات : حضرت مجلس إسماعيل بن بلبل ، وقد جلس جلوسا عامّا. فدخل إليه المتظلّمون والنّاس على طبقاتهم. فنظر في أمورهم ، فما انصرف أحد منهم إلّا بولاية ، أو صلة ، أو قضاء حاجة ، أو إنصاف. وبقي رجل ، فقام إليه من آخر المجلس يسأله سبب إجارة ضيعته ، فقال : لأنّ الأمير ، يعني الموفّق ، قد أمرني أن لا أسبّب شيئا إلّا عن أمره ، وأنا أكتب إليه في ذلك.
فراجعه الرجل وقال : متى تركني الوزير ، وأخّرني فسد حالي.
فقال لعبد الملك بن محمد : أكتب حاجته في التّذكرة.
فولّى الرجل غير بعيد ، ثمّ رجع فقال : أيأذن الوزير؟
قال : قل.
فأنشأ يقول :
ليس في كلّ دولة وأوان |
|
[تتهيّأ] (١) صنائع الإحسان |
وإذا أمكنتك يوما من الدّهر |
|
فبادر بها صروف الزّمان |
__________________
(١) ساقطة من الأصل.