وقال محمد بن الحسين بن حميد بن الربيع ، عن أبيه قال : ابتدأ أبو كريب يقرأ علينا المغازي ، فقرأ علينا مجلسا أو مجلسين ، فلغط بعض أصحاب الحديث ، فقطع قراءته وحلف لا يقرأ (١) علينا. فعدنا إليه نسأله (٢) ، فأبى وقال : امضوا إلى عبد الجبّار العطارديّ فإنّه كان يحضر سماعه معنا من يونس بن بكير.
فقلنا : وإن كان قد مات؟
قال : اسمعوه من ابنه أحمد ، فإنّه كان يحضره معنا (٣).
قال : فدللنا إلى منزل أحمد ، وكان يلعب بالحمام ، فقال لنا : مذ سمعناه ما نظرت فيه ، ولكن هو في قماطر فيها كتب فاطلبوه.
فقمت فطلبته ، فوجدته وعليه ذرق الحمام ، وإذا سماعه مع أبيه بالخطّ العتيق. فسألته أن يدفعه إليّ ويجعل وراقته لي ، ففعل (٤).
قول مطيّن : روى الخطّاب بإسناده إلى جعفر الخلديّ قال : قال محمد بن عبد الله الحضرميّ : أحمد بن عبد الجبّار العطارديّ كان يكذب (٥).
قلت : هذا إن كان كما قال ، فمحمول على نطقه ولهجته ، لا أنّه كان يكذب في الحديث ، إذ ذلك معدوم. لأنّ أبا كريب شهد له أنّه سمع من يونس ، وأبي بكر بن عيّاش.
وأيضا فإنّ أباه كان محدّثا ، منكّر بسماعه. ومما يقوّي صدقه أنّه روى أوراقا في المغازي ، عن أبيه ، عن يونس. فهذا يدلّ على تحرّيه الصّدق.
وقد أثنى عليه الخطيب ، وقوّاه غالبا (٦).
__________________
(١) في تاريخ بغداد : «لا يقرؤه».
(٢) في تاريخ بغداد : «فسألناه».
(٣) في تاريخ بغداد : «يحضره معه». وبعدها زيادة حذفها المؤلّف ـ رحمهالله ـ.
(٤) تاريخ بغداد ٤ / ٢٦٤.
(٥) تاريخ بغداد ٤ / ٢٦٤ ، ٢٦٥.
(٦) فقال : «كان أبو كريب من الشيوخ الكبار الصادقين الأبرار ، وأبو عبيدة السريّ بن يحيى شيخ جليل أيضا ثقة من طبقة العطاردي. وقد شهد له أحدهما بالسماع ، والآخر بالعدالة ، وذلك يفيد حسن حالته ، وجواز روايته ، إذ لم يثبت لغيرهما قول يوجب إسقاط حديثه ، واطّراح خبره ، فأمّا قول الحضرميّ في العطارديّ أنه كان يكذب فهو قول مجمل يحتاج إلى كشف وبيان ، فإن كان =