ولا اختلف من عدا المشبهة الذين لا يعتد بخلافهم في أن الله سبحانه لا يجوز أن يتكلم بآلة كآلة المخلوق ، ولا في أنه سبحانه لا يجوز عليه الكون في الشجرة ، ولا في أن الشجرة تكلمت.
فأما اختلافهم في القرآن فأئمة العترة ـ عليهمالسلام ـ ومن قال مثل قولهم يقولون : إنه كلام الله سبحانه وإنه أوجده كما أوجد غيره من مخلوقاته ، وإنه لا فرق بينه وبين كلام المخلوقين إلا بكونه أفصح ، وكونه معجزا.
[ذكر الدليل على أن القرآن كلام الله سبحانه]
ومما استدلوا به على ذلك : قوله سبحانه : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) [التوبة : ٦] ، والكلام الذي يسمعه هو ما يتلى عليه من هذا القرآن الحكيم ، وهذا نص صريح في موضع الخلاف ، و [لأن (١)] من المعلوم الذي لا اختلاف فيه أنه لا يعقل كون الكلام كلاما إلا إذا كان منتظما (٢) من حرفين فصاعدا حتى يصح النطق به وسماعه وكتابته.
[ذكر قول الأشعرية في القرآن والدليل على بطلانه]
وخالفهم في ذلك الأشعرية والمطرفية ؛
أما الأشعرية : فزعموا أن القرآن قديم ، وأن الله سبحانه متكلم فيما لم يزل ، واحتجوا على ذلك بأنه لو لم يكن متكلما لكان ساكتا أو أخرس.
قالوا : وأما ما يسمعه الناس ويكتبونه فهو دليل عليه ، وليس هو هو ، واحتج بعضهم على ذلك بقول الشاعر :
__________________
(١) ـ زيادة من نخ (أ ، ج).
(٢) ـ هذا البيت للأخطل وهو غياث بن غوث بن الصلت ، أبو مالك من بني تغلب كان نصرانيا على أطراف الحيرة واتصل بالأمويين وكان شاعرهم ، مات سنة (٩٠ ه). تمت من هامش شذور الذهب.