العدم صورة ثابتة فيما لم يزل قبل وجوده ، وهو محال ، ولأن من المعلومات ما لا صورة له نحو الباري تعالى ، وكذلك الأعراض ، ولأنه يستحيل أن يكون للمعلوم الواحد ألف صورة في أنفس ألف عالم ، ويستحيل أن لا يعلم صورته إلا عالم واحد.
[قول المعتزلة في معنى العلم وبيان فساده]
والثالث : قول المعتزلة : إن العلم هو الاعتقاد الذي يقتضي سكون نفس معتقده .. إلى آخر ما ذكروا (١) ، وهو غير صحيح لأجل ما تقدم ذكره من كون اسم العلم عاما لأنواع من العلم مختلفة المعاني ، ولأن علم كل عالم من علماء السوء قد اقتضى سكون نفسه بحيث لا يخطر بباله أن أحدا أعلم منه ، وكل حقيقة لا يحصل بها التمييز بين الحق والباطل فهي باطلة.
[الكلام في تنوع العلم]
وأما تنوع العلم ؛ فلأنه ينقسم على الجملة إلى صحيح وباطل ، والصحيح ينقسم إلى علم غيب وعلم شهادة ، وعلم الشهادة ينقسم إلى علوم الدين وعلوم الدنيا ، وعلوم الدين تنقسم إلى معقول ومسموع ، والمعقول ينقسم إلى ضروري واستدلالي ، والمسموع ينقسم إلى تنزيل وتأويل وسنة واجتهاد.
[الكلام في طرق العلم]
وأما طريق العلم ؛ فمن العلوم الضرورية ما جبل الله العقول وفطرها على معرفته ابتداء لا عن طريق نحو علم العاقل بأحوال نفسه وتمييزه بين كثير مما ينفعه أو (٢) يضره ، ونظير ذلك في غير العاقل من الحيوانات ما فطرها عليه من الإلهام.
ومنها ـ أعني العلوم الضرورية ـ : ما جعل الله طريق معرفته الخبرة ، أو إدراك (٣)
__________________
(١) ـ نخ (ب) : ذكروه.
(٢) ـ نخ (ب) : و.
(٣) نخ (ج) : أو درك.