وداعية إلى مذموم الأخلاق نحو الجزع والهلع والشح والطيش وما أشبه ذلك.
والرابع : اختلافهما في النظر والاستدلال وذلك لأن نظر العقل هو التفكر في الصنع من حيث هو حكمة ونعمة ، والتدبر لما حكى الله سبحانه في كتابه من الآيات الدالة عليه ، والقياس لما لم يعرف وجه الحكمة (١) فيه على ما عرف ، ونظر النفس تظنن وتوهم وتتبع لمواضع الشبه والمتشابه ، وقياس ما عرف وجه الحكمة فيه على ما لم يعرف في الحيوانات المؤذية والضارة وما أشبه ذلك مما يدلس به أهل الزندقة على المتعلمين.
والخامس : اختلاف (٢) مادتهما ، وذلك لأن العقل يستمد من توفيق الله سبحانه وتسديده ، ولذلك قال سبحانه : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً) [محمد : ١٧] ، ويستمد من محكم الكتاب والسنة و [من (٣)] علوم أئمة الهدى.
والنفس تستمد من وساوس الشيطان ، ومن الشبه والمتشابه ، ومن علوم علماء السوء ، ولذلك قال الله سبحانه : (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) [الأنعام : ١١٢].
والسادس : اختلاف أحوال أتباعهما ، وذلك لأن المتبع لعقله يقف عند حد قدره لئلا يجهل فضل من فضّله الله عليه ، ويقف عند حد (٤) عقله لئلا يغلو في دينه غير الحق.
والمتبع لهوى نفسه يخوض فيما وراء حد عقله ، ويتكبر على من هو أفضل منه ، ويحسده ، ولذلك قال الله سبحانه : (أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) (٨٧) [البقرة] ، وقال : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا
__________________
(١) ـ نخ (أ) : الحكم.
(٢) نخ (ج) : اختلافهما في مادتهما .. إلخ.
(٣) ـ زيادة من نخ (ب).
(٤) ـ نخ (أ) : حظ.