ومنه ما يذكر مجازا وهو متأول نحو قول الله سبحانه : (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي) ـ أي ما أخفي ـ (وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) [المائدة : ١١٦] ، أي ما حجبت علمه عني.
ومنه ما يراد به النفس المقارنة للعقل وهي هذه التي الغرض ذكر الفرق بينها وبينه.
الثاني : اختلافهما في وقت الوجود ، وذلك لأن الله سبحانه جعل وجود النفس ملازما لأول وقت وجود الحياة لأجل كون الحي من البشر مشتهيا ونافرا ، والشهوة والنفرة من طباع (١) النفوس (٢) التي فطرها الله سبحانه عليها ، لما علم في البلوى بذلك من المصلحة والحكمة البالغة.
واعلم أنه (٣) ما مثلها في البلوى بتقديم وجودها واستحواذها على القلب واستخدامها للحواس في حال مغيب العقل المؤمر عليها وعلى جميع الحواس إلا كمثل (٤) من ملكه (٥) الله سبحانه من ملوك أهل الدنيا بالتمكين والتخلية والإمهال حتى يتصرف في العباد والبلاد في حال مغيب من يبعثه الله سبحانه بعد ذلك من رسله إليه ، أو من يقوم مقامهم ليزجره عن غيه ، ويمنعه من بغيه.
والثالث : اختلاف صفاتهما وذلك لأن من صفات العقل كونه هاديا إلى الرشاد ، ومميزا بين الصدق والكذب في الأقوال ، والحق والباطل في الاعتقادات ، والخير والشر في عواقب الأعمال ، وداعيا إلى التخلق بمحمود الأخلاق نحو [العلم و (٦)] الحلم والكرم والصبر وما أشبه ذلك.
ومن صفات النفس كونها كما قال الله سبحانه أمارة بالسوء ، وموسوسة ، ومسولة،
__________________
(١) ـ نخ (ج) : طبائع.
(٢) ـ في (ب) : النفس.
(٣) ـ نخ (ب ، ج) : أن.
(٤) ـ في (ب) : مثل.
(٥) ـ في (ب) : يملك ، و (ج) : يملكه.
(٦) ـ زيادة من نخ (ب).