وقال : (عالم إذ لا معلوم ، ورب إذ لا مربوب ، وقادر إذ لا مقدور).
مسألة : كيف يصح الجمع بين القول بأن لوجود ذوات العالم أولا ، والقول بأنه لا أول لثبوتها مع عدم الفرق بين ثبوتها ووجودها ، وكذلك الحال في القول [بأن] (١) : ذوت العالم هي العالم المحدث ، والقول بأن ذوات العالم ثابتة فيما لم يزل؟
مسألة : إذا كانت ذوات العالم المتناهية لها نهاية بإجماع من يزعم أنها بعض الذوات وبعض المقدورات التي لا نهاية لها بزعمهم ؛ فكيف يصح أو يعقل أن يوصف ما لبعضه نهاية بأنه لا نهاية لكله مع ما في ذلك من التناقض البين؟
مسألة : إذا لم تكن ذوات العالم محتاجة في كونها ذواتا إلى مؤثر يجعلها ذواتا بعد أن لم تكن ، فكيف يصح وصفها بأنها مقدورة لله سبحانه لأجل تأثيره في أمر زائد عليها ليس هو هي ولا غيرها ، وهو الوجود الذي قيل إنه سبحانه لا يؤثر إلا فيه ، وأنه لا يعلمه فيما لم يزل؟ وهل يعقل من ذلك إلا القول بأن كل شيء تعلق به علمه فلا تأثير له فيه ، وكل أمر(٢) أثر فيه فليس هو له بمعلوم (٣) فيما لم يزل مع ما في ذلك من التجهيل والتعجيز الذي لا يجوز وصفه [به] (٤).
مسألة : إذا كان كون العالم محكما يدل على كون الباري سبحانه عالما بالإحكام قبل كونه فرعا على إيجاده ، بمعنى أن حصول الإحكام والعلم به لا يمكن من دون حصول الإيجاد والعلم به ، وكان الذي يدل على كون الباري سبحانه عالما هو وجود العالم محكما ؛ فكيف يصح أو يجوز أن يقال : إن الله سبحانه لا يعلم فيما لم يزل إلا مجرد الذوات دون الإيجاد والإحكام ، مع ما في القول بذلك من لزوم إبطال الدليل والمدلول
__________________
(١) ـ زيادة من نخ (ب ، ج).
(٢) ـ نخ (ج) : شيء.
(٣) ـ نخ (ب) : معلوم.
(٤) ـ زيادة من نخ (ب).