الخامسة (١) : أن يعلم على الجملة ، أنه يعجز عن الإحاطة بتفصيل جميع العلوم المختلفة ، التي تعجز (٢) في دقتها وكثرتها الفكر ، وينفد دون إدراك جميعها العمر ، وأن يعلم مع ذلك أنه لا يجوز له في العقل ولا في الشرع الاتباع لجميع علماء الفرق المختلفين في علوم الدين ، لما في ذلك من لبس الحق بالباطل ، والجمع بين الأقوال المتناقضة ، والاعتقادات المتداحضة ، ولا يجوز له الاعتزال لجميعهم ؛ لما في ذلك من الترك للحق مع الباطل ، ولا يجوز له الإتباع لبعضهم دون بعض بغير دليل ؛ لما في ذلك من خطر التقليد لغير المحق.
السادسة : أن يعلم أنه يجب على كل مكلف أن يقف عند منتهى قدره ، وحدّ عقله ؛ أما وقوفه عند منتهى قدره فلئلا يدعي ما ليس له ، نحو دعوى من يدعي من الزنادقة أنه رب ، ودعوى من يدعي من الروافض أنه نبي أو إمام.
وأما وقوفه عند حد عقله ، فلئلا يخرج إلى الغلو نحو ما يأتي من أمثلته فيما بعد إن شاء الله سبحانه ، فهذه جملة مما (٣) ينبغي لكل عالم ومتعلم الابتداء بمعرفته وتعريفه.
[الكلام في العقل والنفس]
وأما الفصل الثاني
وهو الكلام في العقل والنفس ؛ فهو ينقسم إلى ذكر أقوال المختلفين في العقل والنفس ما هما؟ وأين هما؟ وإلى ذكر جملة مما يعرف [به (٤)] الفرق بينهما :
[ذكر أقوال المختلفين في العقل والنفس]
أما ذكر أقوال المختلفين في العقل والنفس فجملة المشهور منها ستة أقوال :
__________________
(١) نخ (ب) : والخامسة.
(٢) ـ في (ب) : تحار ، و (ج) : يحور.
(٣) ـ نخ (ب) و (ج) : ما.
(٤) ـ زيادة من نخ (أ) و (ج).