[أقسام الاجتهاد]
وبيان ذلك : أن الاجتهاد ينقسم ؛ فمنه ما يجب أن يرجع فيه إلى الاستنباط من غامض علم الكتاب والسنة لا إلى الظن ، وذلك هو الذي أمر الله سبحانه برده إلى أولي الأمر ، وهم الأئمة السابقون.
وإنما وجب رده إليهم لأنه لا يجتهد فيه إلا بعد عدم الدليل الظاهر عليه في الكتاب و (١) السنة ، ولا يعدمه إلا من أحاط بعلم أحكامهما ، ولا يحيط بعلمهما إلا السابق بالخيرات من أهلهما وورثتهما ، ولأن من شرط من يصلح للاجتهاد عند الجميع أن يكون عالما بخطاب الله سبحانه ، وخطاب رسوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، وكيفية الاستدلال بذلك.
ومن جملة خطاب الله وخطاب رسوله ، ما تقدم ذكر بعضه من نصوص الكتاب والسنة الدالة على حصر الإمامة ، وقد خالفت فيها المعتزلة ؛ فيلزم أن يكونوا جاهلين ببعض خطاب الله وخطاب رسوله [ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ (٢)] ، وقد أجمعوا على أن من جهل شيئا من ذلك ؛ لم يصح اجتهاده ولا تسميته بالفقيه (٣) حقيقة.
ومن الاجتهاد ما يرجع فيه إلى الاقتداء بظواهر النصوص واعتبار الأحوال ، وذلك نحو ما يرد إلى الحكام من تقدير النفقات وأروش الجنايات ، ونحو ما يرد إلى حكم ذوي عدل في تقويم جزاء ما يستهلك من الصيد المحرّم ، وكذلك ما يرد إلى حكم الحكمين ، المبعوثين من أهل الزوجين ، كما أمر الله سبحانه.
ومن الاجتهاد ما لا يقوم فيه أحد مقام أحد ، نحو تحري جهة الكعبة ، ووقت الصلاة
__________________
(١) ـ نخ (أ) : أو.
(٢) ـ زيادة من نخ (ب).
(٣) ـ نخ (أ) : بالفقه.