يستحيل ذلك فى الغائب ، ووجب أن يكون من جوز أحد الأمرين فى الغائب كمن جوز الأمر الآخر.
وهذا هو الدليل على أن الله تعالى لم يزل مريدا ، وذلك أن الحى اذا كان غير مريد لشيء أصلا وجب أن يكون موصوفا بضد من أضداد الارادات كالسهو والكراهة والايناء (١) والآفات ، كما وجب أن الحى اذا كان غير عالم بشيء أصلا (كان) (٢) موصوفا بضد من أضداد العلوم كالجهل والسهو والغفلة أو الموت وما أشبه ذلك من الآفات فلما (٣) استحال أن يكون البارى تعالى لم يزل موصوفا بضد الإرادة لأن هذا يوجب أن لا يريد شيئا على وجه من الوجوه ، وذلك أن ضد الإرادة اذا كان البارى تعالى لم يزل موصوفا به يوجب قدمه ومحال عدم القديم ، كما محال حدوث القديم ، فاذا استحال عدمه وجب أن لا يريد البارى شيئا ويقصد فعله على وجه من
__________________
(١) من آنى اذا أخر ومنه الحديث «آنيت وآذيت» اى أخرت المجيء عن وقته وهى فى الأصل «الانبا» (النقط النون فقط) فاقترح م أن تكون الاباء ، وظاهر أن رسم الكلمة يأبى ذلك وليس من شك فى أن الايناء بمعنى التأخير يعتبر من أضداد الإرادة. وقد يشهد لأنها «الاباء» قول الشيخ فى ص ٤٩ : ولو كان ما يكره كونه لكان ما يأتى «كونه».
(٢) ليست فى الأصل.
(٣) جواب «فلما» غير مذكور وان كان من الممكن تقديره أو تغيير قوله : «فلما استحال» الى مثل قولنا «ويتحيل» التى لا تتطلب جوابا.