فعله ومعنى أراد
حركة الشيء أنه حركه ، فما أنكرتم أن يكون الجماد فى الحقيقة مريدا لحركة نفسه
بمعنى أنه متحرك ، وأن لا يكون للبارى تعالى على الجماد مزية فى الإرادة ، وأن لا يكون له مزية على من وقع فعله وهو غير
مريد له لأنه قد حصل له معنى فاعل كما حصل للبارى تعالى معنى فاعل.
فان قال : فما
معنى قوله تعالى : (قالَتا أَتَيْنا
طائِعِينَ) قيل له : معنى ذلك أنهما قالتا فى الحقيقة : (أَتَيْنا طائِعِينَ).
ومما يدل من
القياس على أن الله تعالى لم يزل متكلما أنه لو كان لم يزل غير متكلم ـ وهو ممن لا
يستحيل عليه الكلام ـ لكان موصوفا بضد الكلام ولكان ضد الكلام قديما ولو كان ضد
الكلام قديما لاستحال أن يعدم وأن يتكلم البارى ، لأن القديم لا يجوز عدمه كما لا يجوز
حدوثه ، فكان يجب أن لا يكون البارى قائلا ولا آمرا ولا ناهيا على وجه من الوجوه وهذا فاسد عندنا وعندهم ، واذا فسد هذا صح وثبت أن البارى
لم يزل متكلما قائلا.
فان قال قائل :
ولم زعمتم أنه لو كان لم يزل غير متكلم
__________________